سرقة المال العام

by -talib
0 comment 23 views

تعتبر سرقة المال العام من أقبح الأعمال الإجرامية في القوانين السماوية والوضعية ، وقد نبهنا النبي صلى الله عليه وآله بخطورتها وقبحها من خلال حديثه : والله لوسرقت فاطمة لقطعت يدها . كما أن ألإمام علي عليه السلام ، بين أن أموال المسلمين هي لمن يستحقها ومن تطفل على ( فلس ) منها فإنه يأكل حراما ، لأنه يسرق بذلك لقمة غيره وقد تكون ليتيم أو أرملة أو مسكين . والإمام عليّ الذي نتمسك به كقدوة ، لم يكن من المتهاونيين في سرقة المال العام ، فهو إضافة إلى رفضها بشكل قاطع ، هو يدعو إلى استرجاع ما سرق من أموال الفقراء : والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته فإن في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل ، فالجور عليه أضيق . وهذا إعلان واضح لمن بيده أمر الأمة في أن يقوم ما بوسعه من أجل استرداد أموال الناس التي سرقت ، وهذا أيضاً إنذار واضح أن التقاعس في ذلك أو تهاونهم أنما هو خيانة للأمة ، أما التستر عليهم فهي كارثة تنزل بمن يتصدى الأمر إلى منزلة المشارك بتلك الجريمة وأنه يقع عليه ما يقع على السارق . ونحن ندرك أن الشعوب لن تنسى حقها وذاكرتها ( حديد ) وإذا كانت الظروف السياسية اليوم لاتسمح لهذه الأمة في أن تحاسب المجرمين الكبار فإن في الغد سعة في في خلق ظرف مناسب لمحاسبتهم . ومن أجل أن تكون لدينا صورة واضحة لطبيعة مسؤولية المتصدي الأول في الأمة ، نسوق رسالة وجهها الإمام علي عليه السلام لعامله على البصرة عبد الله بن عباس بعد أن بلغه التلاعب بالمال العام : وإني أقسم بالله قسماً صادقاً ، لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئاً صغيرا أو كبيراً ، لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوَفر ، ثقيل الظهر ، ضئيل الأمر ، والسلام . لنتمعن بصرامة لهجة الإمام عليه السلام في تعامله مع من هو مسؤول شرعاً عن تصرفاتهم . وأن الإمام عليه السلام يفعل ذلك ليس من قبيل الإجتهاد الشخصي ، وأنما هو ينفذ أوامر إلهية ، وبالتالي فإن شدة الإمام أنما استقاها من النظرة الإلهية لمثل هذا الفعل المشين . لقد راقبنا البرلمان الموقر طيلة الفترة الماضية ، ورأينا أيضاً مواقف مجلس الوزراء الذي يعتبر أكبر سلطة في البلد ، ولا نخجل من أن نقول أن موقف الطرفين ليس فيه شيئا إطلاقا ، مما يشعرك أن المال العام هي في أيدي أمينة ، فالبرلمان يتلكأ وهاهو على وشك انهاء دورته ولم يستوجب أو يعاقب إلا سارقاً واحداً وهو عبد الفلاح السوداني ، وهاهو الآن يستجوب سارقا آخر هو كريم وحيد ، أما مجلس الوزراء فلم يتخذ إي إجراءات من شأنها أن تمنع شهية اصحاب الضمائر الميتة من أن يتمادوا في قضم حقوق الفقراء ، فنسبة الذين يعانون الفقر من شعبنا عالية ، والخدمات متردية ، والذين يعيشون في بحبوحة من العيش هم فقط طبقة النبلاء من الوزراء ودوائرهم القريبة أو أعضاء مجلس النواب ودوائهم القريبة ، إن الوضع السياسي الحالي في العراق يتجه بشكل سريع إلى خلق طبقية مقيتة في بلدنا الجبيب ، على الذين كانوا سببا في خلقها أن يتقوا الله ويعيدوا النظر فيها قبل أن يتدخل الشعب بصورة مباشرة . أحب أن أنبه أن الشعوب قد تسكت لظروف معينة عمن يظلمها أو يتجاوز على حقوقها ، لكنها لن تنسى أبدا ، وإذا ما سنحت الفرصة في أن تحاسب المقصرين فإن إجراءاتها سوف تكون قاسية جداً ، وهذا ما أتوقعه خلال الدورة البرلمانية القادمة ، سوف يتحول العراق إلى محكمة كبرى يستدعي فيها الشعب العراقي كل الذين تطاولت أيديهم إلى المال العام كائنا من كان ، وعندها سوف يسحق الندم كل المجرمين . وأحب أخيرا أن أكبر في بعض البرلمانيين الشرفاء الذين رسموا لنا الخطوط الأولى ووضعوا اللبنة في أساس محاسبة كل السراق وأصحاب الضمائر الميتة .

تم نشر هذا المقال في الخميس 08-10-2009

You may also like

Leave a Comment

About The New Iraq

( العراق الجديد) صحيفة ألكترونية تصدر عن المركز الإعلامي العراقي في لندن حرة غيرمرتبطة بأي جهة أوتكتل سياسي تهدف الى خدمة أبناء شعبنا العراقي وتدافع عن مصالحه السياسية والثقافية والإجتماعية

All Right Reserved. 2024 – TheNewIraq.com – Media & Studies Centre