على ما يبدو أن الثورات تختص بمناطقَ دون غيرها في منطقتنا العربية, لذا يسمح لليمنيين واللبيين والسوريين والمصريين والعراقيين ووو… الخ بالثورة على واقعهم الفاسد والمطالبة بحقوقهم وبتغيير النظام, ويسخر لهم الإعلام الخليجي أبواقه, سوى الخليجيين فأن منطقتهم منزوعة من الثورات مادامت تحوي نفطاً وعمالة , ولا يسمح لهم مجرد التفكير بالثورة , فالثورة لدى مشايخ وحكام السعودية وقطر , والبحرين مثلاً من الكبائر, ومرتكب الكبيرة مخلد بالنار طبعاً , لذا يسعى حكام الخليج بكل ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل أن يُبعدوا النار عن مواطينيهم رأفةً بهم, فالثورة عمل غير جائز ومحرم في دول الخليج ما دامت تهدد الإقطاعيات الحاكمة.
ومن أراد الثورة من الخليجيين فليذهب الى سوريا ومن أراد (الجهاد) فليذهب الى أفغنستان ومن أراد ان يتناول الغداء مع النبي فليذهب الى العراق ويفجر نفسه, فتلك البلدان موبؤة بالثورات والقتل, ومستباحة للجميع.
ومن أراد أن يستمع الى صوت الدين ويتبع فتاوى وعاظه فليلتحق بالقرضاوي واللحيدان و والعريفي ويستمع لهما.
يالها من مفارقة عجيبة , فكل المقاييس في هذه المنطقة مقلوبة , وقد يحق لهل ما لا يحق لغيرها كالشعراء العرب القدماء.
يحق لها أن تتدخل بشؤون الدول الأخرى من خلال الوعاظ الشياطين, وسأعتذر من الدكتور الوردي بتغيير لفظة وعاظ السلاطين الى الوعاظ الشياطين حقاً أنهم ألسنة الشياطين , فقد كانوا سابقاً لسان الحاكم الجائر ولكنهم تحولوا بمرور الزمن الى ألسة للشياطين, هولاء الذين سخروا أنفسهم وراحوا يوزعون الطائفية وحق الثورات على من يريدون.
ويحق للإعلام الخليجي أن يدمر منْ يريد وبالطريقة التي يريد, ولا يحق أن ننبس ببنت شفه على جرائمهم في البحرين , والسعودية.
فالمسكوت عنه في هذه المنطقة بلغ حداً لا يعقل. فلماذا يحق للشعب العربي في كل الوطن عدا الخليج أن يطالب بتغيير النظام , ولا يحق للبحريني والسعودي أن يطالب بنفس مطالب إخوانه في باقي الدول العربية, ولماذا يحق للعربي عدا الخليجي ان يكون ثائراً على الظلمة, ولا يحق للبحريني إلا أن يكون طائفياً , إنها قسمة ضيزى لو كنتم تعلمون. فهل كانت البحرين والسعودية جنة عدن وباقي الدول العربية جهنم الحمراء؟
فهل يعقل أن تكون كل الأرض العربية خصبة بالثورات وولاده , عدا منطقة الخليج , فانها منطقة منزوعة من الثورات , فهل أصابها العقم أم اجريت لها عملية قلع رحم ؟
بالتأكيد لا هذا ولا ذاك ولكن المشكلة تكمن في إزدواجية المعايير بالنسبة لدول العالم ذات التأثير في القرار الدولي,التي تجعل من هذه الإقطاعيات الحاكمة للقمع والتعدي على حقوق الإنسان, فلماذا تفرض العقوبات على ليبيا وسوريا ولا تفرض على البحرين , فهل من يسقطون في البحرين ذباباً ومن يسقط في سوريا وليبيا ثواراً , وأنا هنا لا أدافع عن أنظمة الغلبة والاستبداد في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها , بل هي مفارقة لابد لنا من التوقف عندها , فالانسان هو الإنسان والارض هي ذات الأرض , والاسباب الداعية للثورة هي نفسها, فالكل ثاروا وأنتفضوا , فلماذا يقمع البعض , ويدعم البعض الآخر.
ودعوني أتسائل عن السبب في مفارقة حديثة قديمة وهي.
أليس من الغريب أن الدول التي حصلت فيها الثورات اليوم هي ذات الدول التي ثارت على واقعها في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم, والدول التي لم تثور اليوم هي ذاتها كذلك؟ فلم تشهد منطقة الخليج في الماضي ولا اليوم أي ثورة عدا البحرين , ولم نسمع بمطالب الشعب في الخليج من اي وسيلة إعلامية خليجية , فهل السعودية على سبيل المثال جنة الله على الأرض ,أم أن أرضها منزوعة الثورة بأمر الآمر ؟.
الخليج منطقة منزوعة من الثورات – علاء الخطيب
376
previous post
1 comment
والعكس بالعكس, الثورات و ” الصحوه الاسلاميه” فرض و واجب في مصر وتونس والواق واق اما في سوريا والعراق وايران فهي بتمويل سعودي وقطري ومن بوركينا فاسو ايضا