ازمة تشكيل الحكومة العراقية ازمة سياسية ام اخلاقية ؟-هادي والي الظالمي

by admin
0 comment 118 views

   فتح باب ( الاجتهاد في تقدير المصلحة الوطنية ) خارج الاطر الدستورية يمثل انقلابا على الدستور . الامر الاكثر خطورة في هذا التطور ان المحكمة الاتحادية ( وهي المحكمة الدستورية العليا في العراق ) قد مارست الصمت على الخروقات الدستورية المتعددة للسلطتين التنفيذية والتشريعية بل وصارت تباريهما وتسجل عليهما سبقا ، في هذا الميدان .

  مايثير الحيرة حقا ، ان هذه الاجتهادات التي تمارسها اذرع السلطة الثلاث لا تتم في  مساحة غياب النص التشريعي بما يعطي للاجتهاد مبررات شكلية ، انما  تاتي بمخالفات ازاء نصوص دستورية واضحة ترتبط باعراف وتقاليد وممارسات سياسية راسخة ولاتقبل التأويل .

 امام هذا الواقع ، تصاعدت نبرة الدعوة الى رفع القدسية عن النص الدستوري  بحجة  التعارض  بين  النص  و المصلحة الوطنية وفق التقديرات السياسية ، وهو  منطق  انقلابي  خطير  ينحى    باتجاه  شرعنة القوة على حساب قوة الشرعية المتمثلة باعتماد الاليات الدستورية والقانونية في التعامل مع النص الدستوري وتغييره ، والاستخفاف بالارادة الشعبية التي عبر عنها الاستفتاء الشعبي على الدستور العراقي  .

 ان كون المحكمة الاتحادية تقف على راس المؤسسة القضائية ، والحارس على حسن تطبيق القوانين ، لايعفيها من طائلة القانون والمحاسبة .

 وربما يشهد البرلمان القادم تفاعلات من هذا القبيل .

  وبانجرار  المؤسسة الحامية للدستور الى ساحة القبول بالخروقات الدستورية ،  و اضفاء الشرعية  عليها  عند تعاملها مع طلب  فخامة  رئيس الجمهورية بخصوص استمرار هيئة الرئاسة في مهامها ، يكون القضاء العراقي قد انتقل بالعملية السياسية من واقع الارتهان للأزمة السياسية الى السقوط في ازمة اخلاقية .

 ان الشكل السياسي  لأزمة  تشكيل  الحكومة ، يجعلها حتى في اشد الحالات تعقيدا ، تتلمس طريقها الى الحل ولو  مع انعدام خيارات التوافقات السياسية لأطرافها ذلك ان تلك الاطراف ستجد نفسها في مواجهات قانونية ودستورية ذات استحقاقات زمنية ليس بمقدورها تجاوزها .هذا ( الحل ) اصبح بعيدا عن المتناول ازاء توافقات كل مستويات السلطة وفروعها على استباحة الدستور ، وهو مايمثل جوهر ازمة اخلاقية اكثر عمقا من الازمة السياسية عندما يحصر الحلول في النوازع و الروادع الذاتية للاطراف السياسية والتي باتت شبه معدومة مع تنكر القوى السياسية  للقيم  الاخلاقية الاساسية للديمقراطية في الحرية والعدل والمساواة . وهو مايؤكد ان العارض السياسي ناشئ اساسا عن ازمة اخلاقية عميقة ترتبط بجوهر الايمان  بعملية التغيير التي حصلت في العام 2003 والقيم العليا للديمقراطية .

 فالقوى السياسية الفاعلة ، وتحت عنوان المصلحة الوطنية العليا ، حاولت تكييف الديمقراطية الجديدة مع الخصوصية الوطنية ، الا انها وفي خضم انشغالها بالصراع على السلطة والمصالح الحزبية ، وجدت نفسها تغرق من جديد في وحل الارث الثقافي الشمولي – الاستبدادي للدولة العراقية التي افتقرت خلال تاريخها الطويل الى الممارسة الديمقراطية .

 ان فشل المسيرة الممتدة منذ العام 2003 في انتاج ثقافة التعايش مع الاختلاف والتداول السلمي للسلطة واعتماد شجاعة الاقرار بالخسارة تقف وراء الشكل السياسي لازمة تشكيل الحكومة . لقد امتد هذا الفشل ليشمل جميع اوجه  السلطة  في البلد والتي مهدت وكرست واقع الانتكاسة الدستورية .

 وفق هذه المقاربة ، يبدو الخروج من ازمة تشكيل الحكومة في وقت قريب معطلا ، بسبب انعدام الحافز الذاتي  لدى  الاطراف  الأساسية  في  الصراع .وهو مايجعل الدخول الدولي على خط الازمة واردا بعد بروز الدور الاقليمي بشكل واضح خلال الايام الماضية .

 قد يكون الوقت ، حتى مع التاكيد على احترام المهل الدستورية ، قد نفد ازاء تصلب الاطراف السياسية على مواقفها دون تغيير . وقد يكون تدويل الازمة العراقية او العودة الى مربع ماقبل الانتخابات عناصر واردة في معادلة التعاطي مع الازمة ، وهو مايتوافق مع ارادات سياسية داخلية وخارجية تجد مصلحتها في اعادة رسم ملامح الخارطة السياسية بما يبقي على نفوذها في السلطة ، وقد تنفتح المفاوضات والحوارات في الوقت القصير  المتبقي على  حلول  توافقية  تجنب الجميع سيناريوهات اكثر سوءا … قد وقد وقد … الا ان المؤكد ، في كل الاحوال ، ان الازمة العراقية هي ازمة اخلاقية اكثر منها سياسية ، وهي ستمتد ، حتما ، الى مابعد تشكيل الحكومة .

   Hadi_whali@yahoo.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

You may also like

Leave a Comment

About The New Iraq

( العراق الجديد) صحيفة ألكترونية تصدر عن المركز الإعلامي العراقي في لندن حرة غيرمرتبطة بأي جهة أوتكتل سياسي تهدف الى خدمة أبناء شعبنا العراقي وتدافع عن مصالحه السياسية والثقافية والإجتماعية

All Right Reserved. 2024 – TheNewIraq.com – Media & Studies Centre