لم يعد بالإمكان الحديث عن أي إصلاح لحزب الدعوة ، فنوري المالكي والجعفري وحواشيهما قد أجهزا على هذا الحزب العريق وأبدلا صورته التاريخية في وجدان الأمة بأخرى ليست مشوهة وحسب وأنما قبيحة مقززة ليس في وسع الشعب العراقي التطلع إليها بعد أن اصبحت تثير في داخله الكثير من القرف لما سببه لهذا الشعب من كوارث سياسية واجتماعية وأمنية وحتى خلقية ، فلقد جلب رموز هذا الحزب كل تلك الأمراض المستوطنة لهذا الشعب ، ولعل المرض الإخلاقي أكثرها وقعا على حاضر ومستقبل العراق بعد أن انتشرت في العراق وخلال سنوات حكم دعاة السلطة ثقافة سرقة المال العام والرشى والسطو على ممتلكات البلد ، وفتحت تلك الفترة كل الأبواب أمام السراق وضعاف النفوس واللصوص والفاشلين من كل الكتل السياسية الأخرى .. أن ما سببه حزب الدعوة للعراق وشعبه فوق تصور العقل ، وسوف يأتي اليوم الذي يكشف عنه ، ونحن نعتقد أن هذه الحقيقة غير غائبة عن نوري المالكي وشركائه ولذلك فقد سعى وما زال يسعى أن تبقى تلك الحقائق طي الكتمان ، من خلال الأموال الطائلة التي سرقها ومن خلال الضمائر الكثيرة التي اشتراها في مفاصل الدولة وفي القضاء خاصة .
أذن ليس ثمة علاج لما أصاب الوطن من مصائب بسبب هذا الحزب إلا استئصاله ، فلقد امسى في جسد العراق كغدة صرطانية متقدمة لاينفع معها العلاج ، ونعتقد أن رموز الدعوة التي قادوا الحزب والعراق إلى هذا المصير قد أدركوا هذه الحقيقة المرة لكن بعد فوات الأوان وأدركوا أيضاً أن ليس في وسعهم الإصلاح ، ففي كل يوم يمر يضع الشعب العراقي يده على جراح دامية أخرى وجرائم لا تعد ولا تحصى ، وأغلبها تدخل ضمن الخيانة العظمى للوطن ، ولهذا فإنه ليس أمام نوري المالكي وابراهيم الجعفري إلا الاستمرار في التستر على كل تلك الجرائم والمراهنة على الزمن وانتظار المفاجئات التي قد يستطيعون من خلالها النفاذ بجلودهم ، والمراهنة أيضا على بساطة الشعب العراقي وبرودة أعصابه وقلة حيلته أمام الوسائل الشيطانية الكبيرة التي مارسوها ومازالوا يمارسونها منذ تسلمهم الحكم وحتى اليوم .
منذ سنة 2007 وأنا أحذر الدعوة من مغبة سياسة التسلط الأعمى على الحكم ، من خلال سلسلة ( حزب الدعوة إلى أين ) ، وحذر غيري أيضاً ، لكن يبدو أن سكرة الحكم أخذت رموزه بعيدا عن واقع ومعاناة الناس ، الى أن حلت الكارثة ( ولات حين مناص ) ، ولم يعد النصح ينفع بعد الآن بل علينا جميعا أن نبحث عن حلول ، وبما أن العقل والنقل اليوم قد برهن على أن حزب الدعوة وأقرانه في الحكم هم من كان السبب في كل ذلك فعلينا إذن كأمة أن تستنفر كل قواها لإزالة تلك الأسباب ، وبما أن حزب الدعوة كان رأس الحربة في كل ماحصل باعتباره الحاكم الفاعل طيلة السنوات العشر الماضية فإن الواجب الوطني والديني والإنساني يحتم على كل مخلص وشريف أن يعمل ما بوسعه لدفع هذا الحزب بعيدا عن المشهد السياسي ومن ثم العمل على محاسبة رموزه على كل الجرائم التي تسبب بها وهي كثيرة ولا يمكن حصرها .
ومن جرائم نوري المالكي والجعفري هو أنهم استطاعوا أن يهمشوا الدعاة الحقيقيين ، بل حاربوهم في كل شي لإضعافهم مخافة أن يتحرك أؤلئك الدعاة بخط مواز للرموز الحاكمة فيؤثروا على مصداقيتهم كممثلين للحزب ، وقد نجح المالكي وحاشيته في تهميشهم وإبقائهم بعيدا ، لكنهم لم يستطيعوا القضاء عليهم تماما بل بقي الكثير منهم يرفع عقيرة الحق وأن يفضحوا تهالك دعاة السلطة على الدنيا بعيدا عن هموم الناس وتطلعاتهم وبناء دولتهم التي يحلم بها كل عراقي شريف .
إن المالكي وزمرته من دعاة السلطة لايمثلون حزب الدعوة الذي عرفناه من خلال مبادئه الوطنية التي وضع لبناتها الأولى الشهيد محمد باقر الصدر وصاغها المفكر الإسلامي محمد هادي السبيتي وضحى من أجلها المئات من المخلصين وعلى رأسهم قبضة الهدى ومن لحقهم ، أذن للدعوة رجال آخرون مخلصون مهمشون من قبل دعاة السلطة وهم مدعوون اليوم للعمل بمسؤليتهم الدينية والوطنية والإنسانية للوقوف صفا بوجه المالكي وزمرته ، وأن وقوفهم على التل سوف لن ينقذهم من المسائلة الشعبية في الدنيا والإلهية في يوم الدين ، ولذا نحن نأمل من أؤلئك المخلصين التحرك مع أبناء الشعب العراقي وبأي طريقة شرعية لإنقاذ العراق فهم معنيون قبل غيرهم ، وخاصة أن دعاة السلطة يعيشون اليوم اتعس أيامهم وأحلك لياليهم ..
حزب الدعوة بين تغييره وإصلاحه – الدكتور طالب الرماحي
957