كشف مصدر برلماني مطلع، عن صدور مذكرة قبض بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي على اثر وجود شبهة فساد في عمل البنك، معتبرا أن هذه الإجراءات هي استهداف سياسي واضح تمارسه بعض الجهات المتنفذة في الحكومة على الهيئات المستقلة بغية السيطرة والاستحواذ عليها.
ولفت المصدر الى أن “سنان الشبيبي سيقدم كتابا الى القضاء العراقي يحمل توقيع رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي يمنع فيه إبعاد الفاسدين من البنك المركزي بعد إثبات تورطهم بعمليات غسيل الأموال”.
وفي الوقت الذي اكدت لجنة النزاهة النيابية عن وصول مذكرة قبض بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي، كشفت اللجنة النيابية المشرفة على البنك المركزي، ان التحقيقات أثبتت وجود بيع للعملة الصعبة لبنوك وشركات محددة بحد ذاتها والتي قامت بتهريبها إلى الدول المجاورة.
وتتلخص مهام البنك المركزي العراقي بالحفاظ على استقرار الأسعار، وتنفيذ السياسة النقدية بما فيها سياسات أسعار الصرف، وإدارة الاحتياطات من العملة الأجنبية، وإصدار وإدارة العملة، إضافة إلى تنظيم القطاع المصارف.
ففي مقابلة مع”المدى”، كشف مصدر برلماني مطلع “ان القضاء العراقي اصدر مذكرة قبض بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي على اثر وجود شبهة فساد في عمل البنك المركزي العراقي،متهما الحكومة بإلصاق التهم بالكفاءات والخبرات العراقية بغية تفريغ البلد منهم والاستحواذ على جميع الهيئات المستقلة”.
وتابع المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته “ان محافظ البنك المركزي ابلغ رئيس الوزراء في وقت سابق من الآن بضرورة إبعاد مدير دائرة غسيل الأموال، ومدير الدائرة القانونية، ومدير مراقبة المصارف، ومدير الدائرة الاقتصادية لتورطهم بعمليات فساد مالي وأداري وغسيل للاموال العراقية”، لافتا الى ان هؤلاء المسؤولين تابعون الى الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء مما حذا به الى عدم تغييرهم”.
واضاف ان “الشبيبي يحتفظ بكتاب رسمي يحمل توقيع رئيس الوزراء نوري المالكي بمنعه بإبعاد هؤلاء الفاسدين من مناصبه رغم التأكد من تورطهم بعمليات الفساد كبيرة”، موضحا ان المالكي اعلم محافظ البنك بان تغيير او إقصاء اي شخص من منصبه هي ليست من صلاحيات محافظ البنك المركز وإنما من اختصاص رئيس الوزراء.
واشار المصدر إلى أن “النظام الداخلي للبنك المركزي يؤكد على انه مستقل وغير خاضع إلى السلطة التنفيذية لا من قريب ولا من بعيد”، مؤكدا ان هذه الإجراءات تخدم الحزب الحاكم في سيطرته على جميع الهيئات المستقلة بعد استحداث “بدعة التعيين بالوكالة”.
وبين ان “هناك انقسامات داخل لجنة النزاهة النيابية بخصوص تعميم مذكرة القبض بحق الشبيبي، حيث يرى بعض أعضائها انه استهداف سياسي تشنه بعض الكتل على الكفاءات في حين يذهب آخرون الى ان هناك شبهة مالية في عمل البنك المركزي ويجب معرفة المتورطين ومحاسبتهم”.
وأوضح أن “الخلافات في لجنة النزاهة امتدت ايضا الى قضية استجواب وزيري الشباب والرياضة جاسم محمد جعفر، والتربية محمد تميم على خلفية وجود ملفات فساد مالي واداري في وزاراتيهما”.
ونفى البنك المركزي العراقي لوسائل الإعلام، الأنباء عن صدور مذكرة اعتقال بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي وهروبه خارج البلاد واعتبرها عارية عن الصحة، مؤكدا أن الشبيبي يشارك حاليا في مؤتمر سنوي يعقد في العاصمة اليابانية طوكيو وسيعود إلى بغداد اليوم الاثنين.
وكان البنك المركزي العراقي قد أعلن، في (11 آب 2012)، عن ارتفاع احتياطياته من العملة الصعبة إلى 67 مليار دولار، مؤكداً أن هذه الاحتياطيات هي الأكبر في تاريخ العراق، مشيرا إلى أن هذه الاحتياطيات هي إحدى السياسات النقدية لخفض التضخم في العراق.
وقال الشبيبي في تصريح صحفي سابق إن “هناك العديد من الجهات التي زجت نفسها في حملة تهدف الى تسقيط البنك المركزي والاضرار بالاقتصاد الوطني ككل”, مبيناً أن “البنك المركزي سيقاضي كل من يحاول التكلم لتسقيط سياستنا النقدية”.
وأوضح الشبيبي أن “سياسة البنك المركزي وتحركاته كانت تهدف الى الحفاظ على قيمة الدينار العراقي وخلق توازن في السوق العراقية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي”، مؤكدا أن “عمل البنك المركزي يسير كما مخطط له, ونحن اشرنا الى رغبتنا في التعاون بكل ما يتعلق بكشف ملفات الفساد اينما وجدت ومحاسبة المقصرين”.
وأضاف الشبيبي أن “كل ما يمس بمهنية البنك المركزي هو ادعاءات كاذبة وليس لها أساس من الصحة والبنك المركزي سيقوم برفع قضايا في المحاكم المختصة على كل هذه الجهات التي تشن هذه الحملة الاعلامية المشوهة
ومن جانبه اكد رئيس لجنة النزاهة البرلمانية بهاء الاعرجي عن وصول مذكرة قبض بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي وقال لـ”المسلة” انه “منذ الساعات الاولى من العمل كان يجري الاعداد للانتهاء من الاجراءات الشكلية لصدور مذكرة قبض ليس بحق الشبيبي وحده بل بحق مسؤولين كبار في البنك المركزي وعدد من المؤسسات الاخرى.
واتهمت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، الأحد، بعض القوى السياسية بـ”محاولة النيل” من استقلالية البنك المركزي العراقي، معتبرة أن استقلالية البنك ضرورية للحفاظ على سعر صرف الدينار وحماية العملة ومنع التضخم، فيما حملت الحكومة مسؤولية التحقيق في عمليات غسيل الأموال والكشف عن المستفيدين منها.
وقالت المتحدثة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي في بيان صدر، من مكتبها الإعلامي إن “ائتلاف العراقية يستنكر استهداف البنك المركزي العراقي ومحاولات بعض القوى السياسية النيل من استقلاليته التي كفلها الدستور والقوانين العراقية والدولية”، معتبرة أن “استقلالية البنك ضرورية للحفاظ على سعر صرف الدينار وحماية العملة ومنع التضخم”.
وأضاف الدملوجي أن “العراق مر بتجربة مريرة في تسعينيات القرن الماضي حينما انهارت العملة بين ليلة وضحاها بسبب السياسات الهوجاء للنظام السابق”، محملة الحكومة “مسؤولية التحقيق في عمليات غسيل الأموال والكشف عن المستفيد منها أمام الرأي العام والإعلان عن الجهة التي تقوم بشراء الدولار وسحبها من أسواق العراق المالية”.
ودعت الدملوجي إلى “معاقبة كل المفسدين سواء في البنك المركزي أو أي مؤسسة أو وزارة دون المساس بسمعة البنك المركزي أو محافظه سنان الشبيبي المعروف على المستوى الدولي بمواقفه الوطنية الشجاعة وبكفاءته ونزاهته”.
بدوره، اكد عضو اللجنة البرلمانية لمراقبة عمل البنك المركزي محمد اقبال، أن التحقيقات بشأن البنك المركزي تثبت بيع العملة الصعبة لبنوك وشركات محددة بحد ذاتها وهناك كميات هائلة من النقد الأجنبي بيعت خلال السنوات السابقة، لافتا الى ان هذه الاموال لا اثر لها في سوق العمل،حيث تم تهريبها الى دول الجوار.
واضاف اقبال في لقاء مع”المدى” أن البنك المركزي فيه الكثير من الكفاءات وعليه ملاحظات كثيرة خاصة بعد التداعيات الاخيرة التي حدثت بعد فرض الحصار الاقتصادي على كل من سوريا وايران، موضحا أن هناك ممارسات مالية مشبوهة عليها علامات استفهام وتحتاج إلى وقفة”.
وتابع أن “مجلس النواب شكل على اثر ذلك لجنة خاصة لتقصي عمل الهيئات المستقلة جميعها، ثم بعد ذلك شكلت رئاسة مجلس النواب لجنة اخرى لبحث التجاوزات المالية والعمل على استجواب محافظ البنك المركزي بعد عطلة عيد الاضحى للاطلاع على أدق التفاصيل”، مبينا أن موضوع الهيئات المستقلة عليه إشكالية كبيرة في تداخل الصلاحيات والتنازع الحاصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية حول مرجعية هذه الهيئات.
وكان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي كشف، في (7 تشرين الأول 2012)، عن وجود شبهة فساد في عمل البنك المركزي العراقي، وفي حين أشار إلى أن المجلس بأشر بتحقيق “معمق” في سياسة البنك المركزي منذ العام 2003، تعهد بمتابعة التحقيق “شخصيا” لأهمية القضية.
وشكلت رئاسة مجلس النواب في (12 آب 2012) لجنة تحقيقية ستعمل على زيارة البنك المركزي وتطلع على السجلات وعلى الأرقام والمبيعات والأشخاص الذين يحصلون على العملة الصعبة، حيث كان عمل اللجنة التحقيقية مختلف عن عمل اللجنة الرقابية التي اقر المجلس تشكيلها والتي تضم رؤساء اللجنتين المالية والاقتصادية وديوان الرقابة المالية.
وبين اقبال “ان مجلس النواب لديه الرغبة في الحصول على اجابات واضحة ووافية على هذه التجاوزات المالية الخطرة من قبل البنك المركزي”، لافتا الى ان التحقيقات تشير إلى بيع العملة لبنوك وشركات محددة بحد ذاتها وهناك كميات هائلة من النقد الاجنبي بيعت خلال السنوات السابقة”.
هذا وقد اكد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي “النتائج التي توصلت إليها اللجنة المكلفة بمتابعة عمل البنك المركزي والمؤلفة من لجنتي الاقتصاد والمالية البرلمانية ورئيس ديوان الرقابة المالية أشرت وجود شبهة فساد في عمليات بيع الدولار والتعاملات الداخلية”.
وأضاف النجيفي على هامش اللقاء الذي جمعه مع محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي قبل ايام قليلة أن “النتائج أشرت أيضاً إلى علاقة البنك المركزي مع البنوك الأهلية ومكاتب الصيرفة وحوالات وهمية لاستيراد مواد وأصناف تجارية وصناعية، إضافة إلى عدم وضوح آليات تدقيق في عمليات غسيل الأموال بالبنك المركزي والمصارف الأهلية”، مشيرا إلى أن البرلمان “باشر بإجراء تحقيق معمق بشأن سياسة البنك المركزي ونشاطاته منذ العام 2003 وحتى الآن”.
وتعهد النجيفي بمتابعة “التحقيق مع هيئة النزاهة كون أن هذه القضية تتعلق بالملف الاقتصادي للبلد بجانبه الأخطر والاهم وتستوجب عدم إخفاءها للرأي العام.
واضاف محمد اقبال “ان هذه الاموال لا اثر لها اليوم في سوق العمل، هناك معلومات عن ان معظم العملة تباع بطريقة غير شرعية وغير رسمية في السوق السوداء ويتم تهريبها إلى دول الجوار وتستخدم في غسيل الأموال”، مشيرا الى ان بعض الهيئات الرقابية الخارجية ومنها صندوق النقد الدولي لديها ملاحظات على اداء بعض البنوك العراقية والتي تطالب بحجب التعامل مع هذه البنوك وعدم تزويدها بالعملة الصعبة “.
واستطرد اقبال قائلا ان “البنك المركزي مازال يتعامل مع هذه البنوك الى هذا اليوم دون معرفة الاسباب”، مبينا أن رئيس مجلس النواب ابلغ محافظ البنك المركزي بعملية استجوابه في لقائهما الاخير الذي جرى قبل بضعة ايام مع بعض الموظفين المعنيين”.
وبشان مذكرة القبض التي صدرت مؤخرا بحق الشبيبي، أفاد اقبال بـ”ان القضاء تسرع في اصدار مذكرة القبض وهي احد الاشكاليات الكبيرة”، لافتا الى ان التحقيقات ستكون الفيصل بين البراءة والادانة”.
وعن التعيينات بالوكالة لبعض الهيئات المستقلة التي لجأت اليها الحكومة مؤخرا، أكد اقبال “ان السلطة التنفيذية تحاول الضغط على بعض الهيئات المستقلة لتغييرات إدارية ومنها البنك المركزي ومفوضية الانتخابات وديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام والاتصالات، مبينا ان مجلس النواب يرفض هذه التدخلات بعد ارساله عشرات من الكتب الى مجلس الوزراء يطالبه بالكف عن هذه التدخلات”.
ويذكر أن الدستور العراقي يشير في بابه الرابع تحت عنوان (الهيئات المستقلة) إلى عدد من الهيئات والأجهزة، كديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، والهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، التي حلت محلها الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، كما حدد الدستور طبيعة علاقتها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء.
هذا وقد حصل محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي قبل شهرين على افضل خمس شخصيات اقتصادية ضمن قائمة أقوى 500 شخصية عربية في الاستفتاء الذي أصدره الموقع إلاخباري العالمي أربيان بزنس.
وطالبت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، أمس الأحد، رئاسة البرلمان بعرض تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص ملفات فساد البنك المركزي العراقي في جلسة اليوم، معتبرة أن الهدف من هذا الأمر هو معرفة المستفيد من إخفاء صفقات مزادات شراء العملة.
وقال عزيز المياحي في بيان صدر من مكتبه إن “لدينا ملفات تثبت تورط عدد من الشخصيات السياسية من داخل البنك المركزي وخارجه بصفقات فساد مشبوهة”، مبيناً أن “اتهامنا للبنك لم يأت من فراغ ولا توجد أي عداوة شخصية مع شخصياته أو محافظه”.
وطالب المياحي رئاسة مجلس النواب بـ”عرض تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص ملفات الفساد في البنك في جلسة البرلمان الاثنين”، معتبراً أن “الهدف من عرض التقرير هو معرفة من المستفيد من إخفاء صفقات مزادات شراء العملة التي كانت سبباً في تدهور القطاع المالي”.
ويعقد البنك المركزي العراقي جلسات يومية لبيع وشراء العملات الأجنبية بمشاركة المصارف العراقية، باستثناء أيام العطل الرسمية التي يتوقف فيها البنك عن هذه المزادات، وتكون المبيعات إما بشكل نقدي، أو على شكل حوالات مباعة إلى الخارج مقابل عمولة معينة.
يذكر أن وتيرة الاتهامات تصاعدت بشأن عمليات تهريب العملة التي ألقت بظلالها على أسعار بيع الدولار في الأسواق المحلية وأدت إلى زيادة سعر صرفه قبل اشهر، ففي حين طالب نواب بضرورة أن تبادر الحكومة إلى إيقاف عمليات بيع العملة في مزادات البنك المركزي، أكد آخرون أن العراق يخسر أموالاً كبيرة جراء تهريبها يومياً إلى خارج الحدود، رغم إشادة العديد من المختصين بالشأن الاقتصادي على ايجابيات المزاد في خفض نسب التضخم والسيطرة على قيمة الدينار العراقي.
ومن جهته، بين عضو الجنة النزاهة النيابية طلال الزوبعي”ان ملفات الفساد المالي والاداري لم تثبت تورط او تقصير محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي فيها، مطالبا بعدم التشهير بأي مسؤول لحين توفر الادلة والقناعة التامة بوجود عمليات فساد.
وقال الزوبعي في حديث مع “المدى” ان صدور مذكرة قبض بحق الشبيبي ليس دليلا قاطعا على تورطه بالفساد، بل الهدف منها الاستقدام للاطلاع على قضايا مهمة بعيدة عن اختصاص المحافظ”.
وبين”ان لجنة النزاهة عازمة على استضافة محافظ البنك المركزي لإيضاح الخروقات الموجودة واللبس الحاصل في هذه القضية”.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء طالبت في وقت سابق بإلحاق الهيئات المستقلة بها، معتبرة ان إلحاق هذه الهيئات بها امر دستوري.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا، في 18 كانون الثاني 2012، يقضي بارتباط الهيئات المستقلة المشار إليها في الدستور العراقي، برئاسة الوزراء مباشرة، وليس برئاسة مجلس النواب، وجاء القرار بناء على طلب قدمه مكتب رئاسة الوزراء إلى المحكمة الاتحادية في 2 كانون الأول من العام الماضي، لتبيان جهة الارتباط.
ودعا البنك المركزي العراقي، في 24 كانون الثاني 2011، المحكمة الاتحادية العليا إلى إصدار قرار تفسيري ثان يوضح قرارها الأول القاضي بربط الهيئات المستقلة، برئاسة الوزراء وليس برئاسة البرلمان، محذرا من مخاطر كثيرة ستتعرض لها البلاد في حال ترك القرار من دون تفسير.
المصدر : جريدة المدى