كانت البصرة في عهد علي عليه السلام مدينة تعج بالمذاهب السياسية المختلفة وخاصة بعد انتهاء حرب الجمل ولذا ولعظمتها كانت تختزل العراق اذ كان يطلق عليها والكوفة لقب العراقين.وقد عين علي عليها واليا من خيرة صحبه وهو عثمان بن حنيف.الذي كان لزاما عليه ان يسير وفق مقاييس علي في الحكم والا فالويل له.الا ان عثمان بن حنيف ارتكب جريمة كبرى بعرف علي الا وهي استجابته لدعوة لحضور وليمة اقامها احد تجار البصرة!
اسرع الوالي للوليمية فاكل منها مالذ وطاب وعاد لبيته ،الا وانه ولم يكد يهنأ بذلك الطعام الذي لا تتيح الامارة له اكله الا وجاءته رسالة علي وكلها عتاب وتأنيب ووعظ لاجل وليمة ! قائلا له (أَمَّا بَعْدُ، يَابْنَ حُنَيْف، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إلى مَأْدُبَة، فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا، تُسْتَطَابُ لَكَ الاَْلْوَانُ ، وَتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ ، وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلى طَعَامِ قَوْم، عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ ،وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ.فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هذَ الْمَقْضَمِ،فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ وَمَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ.أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَأمُوم إِمَام، يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ.ألاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ ، وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْه أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَع وَاجْتِهَاد، وَعِفَّة وَسَدَاد .
فماذا لو كانت البصرة كما هي اليوم تضم كنوز الارض من الذهب الاسود؟ فمن سيولي عليها وكيف سيحاسبه علي ؟ فاليوم لدينا ولاة عده في البلدان الاسلامية منها والي مصر ووالي شمال افريقيا ووالي بغداد! ولنبدا بهم ونرى سيرتهم لنرى ايهم يختار علي واليا على البصرة ! وهم كل من مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي ومحمد مرسي اول رئيس منتخب لمصر ونوري المالكي حاكم العراقين.فهناك عدة قواسم مشتركة بينهم تجعل امر الخيار بينهم صعب ،ومنها انهم جميعا اسلاميون يدعون السير على نهج محمد (ص) وأهله وصحبه المنتجبين.كما وانهم يحكمون بلدانهم بعد ان تحرروا من انظمة الحكم الشمولية والدكتاتورية التي جثمت على صدور شعوبهم لعقود.
فمصطفى عبدالجليل اسلامي تصدى لقيادة المعارضة عبر المجلس الوطني الانتقالي الذي قاد المواجهة مع نظام القذافي .والثاني قيادي في حركة الاخوان المسلمين اعرق حزب اسلامي سني في المنطقة وقد تمكن من الفوز بثقة اغلبية الناخبين المصريين لتولي منصب رئيس جمهورية مصر في اول انتخابات حرة تجرى في هذا البلد العريق.
واما الاخير فهو زعيم حزب الدعوة الاسلامية الشيعي الذي تاسس قبل نصف قرن وكان الهدف من تاسيسه اقامة دولة العدل والمساواة وفقا لسيرة الرسول واهل بيته.
وهناك قواسم مشتركة اخرى تجمعهم فضلا عن الآيديولوجية الاسلامية والنضال ،فعبدالجليل والمالكي يحكم كل منهما بلدا نفطيا غنيا كما وان مرسي والمالكي يجمعهما حكم بلدين هما مهد الحضارة الانسانية ولهما أثر كبير في الحضارة الاسلامية الا وهما بلدا دار السلام وقاهرة المعز.فالقواسم المشتركة بينهم كثيرة الا ان الفارق بينهم كبير رغم تلك القواسم.وهذا الفارق هو على صعيد القيادة وتقديم النموذج الاسلامي للقائد السياسي.
فالاول والثاني هما خير نموذج للقائد الاسلامي الذي افتقدته الامة ومنذ غياب الخلافة الراشدة.واما الاخير فهو اسوأ نموذج لمن حكم باسم الاسلام في العصر الحديث خاصة اذا ماقورن برجب طيب اردوغان الذي نجح في قيادة بلاده والنهوض بها .فهؤلاء القادة هم خير من تمسك بنهج النبي وسيرته وسيرة اهل بيته في الحكم وخاصة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب.واما المالكي فقد كان وبالا على اهل البيت وعلى محبيهم.
فعلي عرف بعدالته في الحكم اذ لم يكن محابيا لاحد ولو كان اخاه وقصته معروفة مع اخيه عقيل ،وهو مشهور بعدله بين الرعية وفي حفظه لبيت مال المسلمين .فهو لم ينفق منه شيئا على ولده الحسن والحسين ولا على اخوانه واقاربه ولا على نفسه بل كان لا يعطيهم الا حقهم الذي يعطيه لاي مواطن في دولته.ولذا فعندما تكون سيرته مع اهله هكذا فلابد ان تكون كذلك في تعامله مع ولاته الذين كان يعنفهم ويعزلهم اذا ما تخطوا حدود ومقاييس علي في الحكم.
ولذا فقد خلد علي وخلدت سيرته .الا انه دفع ثمنا باهضا لتلك السيرة حيث اريق دمه ودم ابناءه واحفاده الذين ساروا على نهجه من بعده.حتى ارتفعت رايات عدة عبر التأريخ تطالب بالعودة لنهجه والثأر لدماء اهل بيته.فالدولة العباسية مثلا اقيمت تحت شعار الثأر لأهل البيت.واقيمت كذلك دولات عدة كالبويهية والحمدانية والصوفية والفاطمية ودولة الادارسة وغيرها.
واخيرا وضع حزب الدعوة الاسلامية في العراق نصب عينيه اقامة دولة تهتدي بعلي حتى جلس زعيم هذا الحزب على سدة الحكم في بلاد علي.الا انه فشل في ان يكون بمستوى شعارات حزبه وطموحاته.فقد اثبتت سيرة حكمه بانه اكثر الحكام الاسلامين بعدا عن سيرة علي.وان شعار الثار لاهل البيت ولشيعتهم كان جسرا للوصول للحكم واقامة دولة لا تختلف كثيرا عن معظم الدويلات التي اقيمت تحت هذا الشعار.
فالفساد والمحسوبية والمنسوبية والتمسك بالسلطة والتفرد في الحكم واقصاءةالاخرين وتهيشهم والعمالة للخارج ونهب الثروات والهيمنة والطغيان هي ابرز سمات حكمه وهي بعيدة كل البعد عن سيرة علي واهل بيته عليهم السلام.فلقلقة الكلام ورفع شعارات الثار لاهل البيت ورفع المظلومية عن اتباعهم لا تكفي للانتماء لمدرستهم.فالانتماء لمدرستهم وهي مدرسة الرسول يكون بالتطبيق والعمل.
وعند اجراء مقارنة سريعة بين هؤلاء الزعماء سيجد المرء بان عبدالجليل السني المالكي ومرسي السني الشافعي هم خير من يسير على هدى النبي واهل بيته في الحكم.واما نوري المالكي فهو ابعد حاكم اسلامي عن سيرة النبي وعترته.فمصطفى عبدالجليل اعطى الحكام درسا في النزاهة والامانة وعفة النفس عندما رفض تسلم هدايا من رؤساء وامراء دول اسلامية معتبرا ان تلك الاموال لم تكن لتعطى له لو لم يكن رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي الليبي ولذا فقد اودع هدية امير قطر وهدية رئيس الوزراء التركي في خزينة الدولة وكذلك فعل مع الهدايا الاخرى التي اعطيت له.
واما محمد مرسي فاعلن بعد فوزه بمنصب رئيس جمهورية مصر عن تبرعه براتبه للفقراء المصريين ، واعلن رفضه السكن في القصر الجمهوري مفضلا البقاء في بيته،واعلن رفضه توجيه التهاني له بالاعلانات في الصحف واعطاء ثمنها للفقراء بدلا من ذلك ، واعلن رفضه توفير حماية كبيرة له مطالبا بتقليصها وبمنعهم من ازعاج المصريين في الشوارع عند مرور موكبه!
فتعالوا لنرى سيرة المالكي ، فالمالكي القابع في جحره في المنطقة الخضراء والذي لا يفارقه الا ويصحبه جيش كامل، يعيش في قصر من قصور صدام ووزع المنطقة الخضراء بما فيها من قصور واراض وشقق سكنية على عائلته واتباعه المصفقين له.والمالكي ينفق على أمنه اكثر من 180 مليون دولار من خزينة الدولة العراقية.والمالكي يتقاضى راتبا خياليا لا يحظى به حتى الرئيس الامريكي،والمالكي لديه منافع اجتماعية لا يعلم الا الله مقدارها،والمالكي ينفق المليارات من اموال الدولة على صحبه عبر عقود وهمية والبلاد لازالت بلا كهرباء ولا ماء صالح للشرب. وان اردنا ان نخوض في سيرته فانها تشيب من هولها الولدان .
ثم يدعي انه من اتباع علي وانه حام لشيعته !ثم يصفق له كل من اعمى المال والمنصب قلبه وعينيه فاصبح كالبهيمة بل هو أضل سبيلا ،ويحكم ان لم يكن لكم دين فكونوا احرارا في دنياكم وارفعوا هذه الغشاوة من اعينكم فوالله لو كان المالكي واليا عند علي ابن ابي طالب على البصرة لضرب عنقه ولطبق عليه حكم المفسد وقطع يديه ورجليه ولاستبدله بمصطفى عبدالجليل او بمحمد مرسي فهؤلاء هم اتباع علي الحقيقيون واما المالكي وحزبه ومن لف لفهم فماهم الا متاجرون بعلي وباهل بيته وجزاؤهم خزي في الدنيا وفي الآخرة عذاب عظيم.
1 comment
والله انك قد أصبت سهم الحق في صدورهم ليحفضك الله من شر شيعة بني أميه. السومري عماد الكاصد ” بغداد”