2K
إعتدنا ومنذ طفولتنا على لعن الخلفاء الراشدين ابو بكر وعمر وعثمان ثم نعرج على لعن معاوية وابنه يزيد.فكان الشيعة ومازالوا يقرؤون زيارة الحسين في يوم عاشوراء والتي ختامها ( اللهم العن الاول والثاني والثالث والرابع ، اللهم العن يزيد خامسا) ولا أظن أن شيعيا واحدا لم يقرأ هذه الزيارة ولو مرة واحدة طيلة ايام حياته. هذا فضلا عن ثقافة لعن هؤلاء في كل مناسبة والتي تربينا عليها منذ الصغر.
ولم يقتصر هذا اللعن على هؤلاء الخمسة بل تطور ليشمل بني امية قاطبة الا ان المفارقة الكبيرة انه توقف عن ادخال بني العباس في اللعن الا ماندر علما بان بني العباس الذين حكموا الدولة العباسية فاقوا في ظلمهم وجورهم بحق أهل بيت النبي ظلم بني أمية . فعدد الأئمة المعصومين الذين قتلوا في عهد بني العباس ستة أئمة بدأ بالامام الصادق وانتهاءا بالحسن العسكري عليهما السلام.فيما شهد العصر الأموي استشهاد اربع أئمة .
وقد نظم العديد من شعراء ذلك العصر العديد من القصائد التي أدانت ظلم بني العباس وعبروا عن تمنيهم عودة حكم بني أمية لشدة مالاقوا من ظلم وجور على يد بني العباس، فقد قال أحد الشعراء ( تالله مافعلت أمية فيهم …… معشار مافعلت بنو العباس) وقال ابو العطاء افلح بن يسار السندي المتوفى سنة ١٨٠ للهجرة والذي عاصر الدولتين الاموية والعباسية:
ياليت جور بني مروان دام لنا …… وليت عدل بني العباس في النار
ولعل السبب الذي يقف وراء التوقف عن لعن بني العباس برغم جرائمهم التي ارتكبوها بحق ال بيت النبي صلوات الله عليهم اجمعين هو كونهم هاشميون. فبنو العباس هم ذرية عم النبي العباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف. وهؤلاء وحسب الفقه الاسلامي يستحقون الخمس لأن الصدقة محرمة عليهم.ولذا فليس من الغريب أن يختفي العباسيون الذين حكمو العراق سبعة قرون متتالية ويدعي كل هاشمي بأنه من ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من ذرية هاشم .والفرق كبير بين سيد هاشمي وسيد محمدي فذرية محمد كلهم هاشميون الا انه ليس كل هاشمي هو من ذرية محمد. ومنهم أبو لهب عم النبي وهو هاشمي .
وبالعودة الى موضوع لعن الخمسة فإننا كنا نتفهم ومنذ الصغر أسباب لعن يزيد باعتباره قد اصدر اوامره لواليه على الكوفة عبيدالله بن زياد لقتل الحسين بن فاطمة بنت محمد الذي كان يصفه الرسول بانه ريحانته من الدنيا وباتفاق المسلمين بأنه سيد شباب أهل الجنة وبانه قد سبى ذرية النبي وأمر باحضارهم أسارى الى الشام التي كانت مركز الدولة الأموية .الا اننا ومنذ الصغر وعندما كنا نسأل عن الاربعة الاوائل فكان يقال لنا سواء في البيت او نسمع من الخطباء الذين يعتلون المنابر الحسينية ايام عاشوراء ورمضان بان هؤلاء قد اغتصبوا الخلافة التي هي حق لعلي بن ابي طالب وذريته المعصومين . وبان بعضهم قد افسدوا في حكهـم سواء على الصعيد الاداري او المالي .
ويسوق الشيعة عدة حجج لاثبات ذلك. فاما الدليل الواضح على أن هؤلاء قد اغتصبوا الخلافة وخالفوا وصية النبي الذي أوصى بالخلافة لعلي من بعده فهو حديث الغدير الذي اخرجه العديد من علماء أهل السنة والجماعة ومنهم النسائي والترمذي والامام احمد وطرقه كثيرة جدا وقد رواه ستة عشر صحابيا كما قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته . . . وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده ” كما قال بن حجر.
ونص الحديث كما أخرجه الحافظ النسائي في الخصائص : عن زيد بن أرقم قال : لما رجع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال : كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أعظم من الآخر ،كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . . . ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن : ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . فقلت لزيد : سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : نعم ، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه . . . ).
الا ان المسلمين اختلفوا في تأويله فمنهم من رأى فيه دليلا قاطعا على ان الخليفة الشرعي من بعد النبي هو علي ابن ابي طالب وهو مذهب الشيعة باختلاف مذاهبهم. ومنهم من رأى غير ذلك مدعين بأن الولاية المقصودة في الحديث ليس ولاية عامة بل ولاية خاصة او ان المقصود بالولاية هو المحبة والمودة وليست الخلافة.وبسبب هذا الاختلاف في تأويل هذا الحديث إنقسم المسلمون الى فرقتين واحدة تعتقد بان علي الخليفة الشرعي من بعد النبي وبان كل من تولى الخلافة بدلا منه هو مغتصب لها ومخالف لوصية الرسول واوامره في هذا الشأن ولذا فهو يستحق اللعن.وبذلك فقد شمل اللعن الخلفاء الراشدين الثلاثة الاوائل ثم تبعهم معاوية مؤسس الدولة الأموية .وفرقة أخرى هي عامة جمهور المسلمين رأت بان خلافة هؤلاء صحيحة ولايوجد نص صريح على خلافة علي وأما حديث الغدير فتفسير الموالاة فيه هو الحب والمودة.
وأما السبب الثاني للعن فهو الادعاء بفساد عدد من هؤلاء وبالأخص الخليفة الثالث ومعاوية. والفساد المقصود هو فساد اداري ومالي . الا ان كتب التاريخ لم تحدثنا عن فساد الخليفتين الاول والثاني بل عرفا بزهدهما ونزاهتهما وبعدم تقريبهما لارحامهما في الحكم. فالخليفة الاول لم يقرب اولاده ولم يوليهما اي امارة وكذلك فعل الخليفة الثاني الذي حرم ولده عبدالله من ذلك.
الا ان اصابع الاتهام توجهت نحو الخليفة الثالث عثمان الذي اتهم بالفساد المالي والاداري .وعند مراجعتي لبعض المصادر التاريخية فقد وجدت انه اعطى عبدالله بن خالد بن أسيد أربعمائة ألف درهم من بيت المال.والحكم بن العاص مئة الف درهم واقطع مروان بن الحكم زوج ابنته فدكا التي طالبت بها فاطمة الزهراء عليها السلام.واعطى عبدالله بن ابي سرح جميع ما افاء الله عليه من فتح افريقيا.واعطى ابي سفيان مئتي الف درهم من بيت المال.وانكح الحارث بن الحكم ابنته واعطاه مئة الف درهم.
وأما على صعيد استخدامه لارحامه كعمال على الاقاليم فقد بلغ عددهم ثمانية ولاة ومنهم معاوية والي الشام الذي ولاه عمر ولاية دمشق وثبته عثمان في منصبه بعد ان وسع له ولايتة لتشمل بلاد الشام.ومنهم الوليد بن عقبة والي الكوفة وعبدالله بن سرح وغيرهم.الا ان مجموع هؤلاء الولاة لا يمثل سوى نسبة العشرين بالمئة من مجموع الولاة البالغ تعدادهم ٤٧ واليا حينها.فيما كان مروان بن الحكم حاجب الخليفة الثالث ولربما باصطلح اليوم مدير مكتبه.
وعند التأمل في هذه التبريرات فهل يجوز حقا لعن هؤلاء الخلفاء؟ وهل ان تأويلهم لنص نبوي او قرآني يستوجب لعنهم ؟ وهل ان قيام بعضهم باغداق العطايا على ارحامه وتوليتهم للمناصب او اعدادهم لخلافته من بعده يوجب اللعن والسب؟ فإن كان الأمر كذلك فعلى كل من يعتقد بذك ان يلعن كل من يكون مصداقا لهذه القاعدة اي كل من يخالف النصوص الدستورية أو يسئ استخدام السلطة سواء اكان شيعيا علويا حسينيا او لم يكن.
لقد مرت قرابة الاربع عشر قرنا مذ سادت ثقافة اللعن والسب والتجريح انطلاقا من قاعدة غصب السلطة والفساد واليوم وبعد ان استلمت قوى الاسلام السياسي الشيعي للحكم في العراق وهي التي ربت الجماهير الشيعية وعبر التاريخ على هذه الثقافة فان هذه القوى مطالبة قبل غيرها بتقديم نموذج اسلامي نزيه وملتزم يكون بديلا لتلك النماذج التي حكمت عبر التاريخ والتي تدعي هذه القوى عدم شرعيتها ودعت للعنها.فقوى الاسلام السياسي الشيعي تدعي بان الشيعة قد ظلموا طوال اربعة عشر قرنا وبانهم ذاقوا الويلات طيلة تلك القرون وبان الحكم لم يكن اسلاميا محمديا بل حكما منحرف.
فهل قدمت هذه القوى حكما بديلا لحكم الخلفاءالراشدين الذين اعتادت لعنهم وسبهم؟أم ان حكم هذه القوى هو الأسوأ عبر التأريخ الاسلامي؟وإن كان حكم هذه القوى لا يختلف عن حكم السابقين فلماذا لعن السابقين وعدم لعن اللاحقين ؟ وان كان حكمها اسوأ من حكمهم فيجب في هذه الحالة اللعن المضاعف لقوى الاسلام السياسي الحاكمة في عراق اليوم.
وعند العودة الى مسألة تفسير النصوص فلنأخذ مثلا كتلة دولة القانون التي خسرت الانتخابات النيابية الاخيرة لصالح كتلة العراقية. فان النص الدستوري واضح وهو ان الكتلة الفائزة تنهض بمهمة تشكيل الحكومة . وهو عرف سائد في كافة الدول الديمقراطية. فالكتلة الفائزة اذا كانت تمتلك اغلبية برلمانية فانها تشكل الحكومة لوحدها وان لم تكن كما كان عليه الحال في الانتخابات الاخيرة فإنها تُكلٌَف بمهمة تشكيل الحكومة وتمنح فرصة لاقامة تحالف سياسي يحظى باغلبية برلمانية . فان نجحت في ذلك فهو خير وان لم تنجح ضمن المهلة المحددة دستوريا فانه يتم تكليف الكتلة الفائزة الثانية بالمهمة وهي كتلة دولة القانون .
الا ان كتلة دولة القانون طرحت تفسيرا شاذا للمادة الدستورية مفادها ان المقصود بالكتلة الاكبر هي الكتلة التي تتشكل تحت قبة البرلمان. وهو تفسير شاذ وغريب مخالف لقصد المشرع فضلا عن مخالفاته للاعراف الديمقراطية .وأما السبب فهو تمسك رئيس الوزراء الحالي بالسلطة ورفضه التخلي عنه ولو لمدة شهر واحد ليعاد تكليفه بعدها. وبعد هذا التأويل الشاذ توسل بالدعم الخارجي ثم امضى اتفاقية اربيل لكي يبقى في منصبه الا انه نكث العهد وتنصل عن تنفيذ بنودها وكذلك بعض بنود الدستور. ولذا فهل يمكن لعن المالكي وكتلته لانه أوَّل النص الدستوري؟ وهل يجوز لعنه لانه خالف العديد من النصوص الشرعية طيلة فترة حكمه؟
أما على صعيد الفساد الاداري والمالي فلنبدأ بالمناصب الادارية فمكتب دولته يسيطر عليه الابن والاصهار واولاد الخالة واما مفاصل الدولة العراقية فيسيطر عليها اعوانه من اعضاء جناحه الحزبي واما السفارات فهي ملك لأبنائهم فلم تتهمون الخليفة الثالث بأنه قرب اقاربه الامويون الذين سميتموهم بالحزب الاموي؟ وانت تقربون اعضاء الحزب المالكي ؟واما على صعيد الفساد المالي فهو فساد لم يشهد له العراق مثيلا عبر تأريخه! ستمئة مليار دولار هي مجموع مداخيل العراق طيلة عهد المالكي تبخرت والعراق بلا كهرباء او ماء صحي او اعمار او امن.
العراق في عهده هو اول بلد في العالم بالفساد وهو من البلدان المتخلفة والغير آمنة . وارض العراق وثرواته اضحت نهبا للمالكي واقاربه واعضاء حزبه الذين استأثروا بكل شيء في ارض السواد وحتى دجلة والفرات فقد استولوا عليهما واحكموا قبضتهم على التجارة والعقود واستأثروا بثروات البلاد ويمكن القول ان فساد كل من حكم العراق عبر التاريخ لا يعادل معشار فسادهم فلم لا تلعنوا هؤلاء بل على العكس من ذلك فإنهم موضع اجلال وتقدير واحترام بنظر هؤلاء اللاعنين للخلفاء؟
إن هذه الإزدواجية في المعايير تثبت بأن هؤلاء لم يكونوا سوى متاجرين بالدين وبمظلومية أهل بيت النبي فالنبي واهل بيته لا يشرفهم أن يرفع رايتهم ويدعي الدفاع عنهم وموالاتهم ومعاداة اعدائهم ، الفاسدون والمنافقون . فمن يدعي السير على نهج اهل البيت عليه ان يقدما نموذجا في الحكم يهتدي بسيرتهم لا ان يقدم نموذجا هو أسوأ من نماذج اعدائهم بمراتب. بل انهم لايرقون في سيرتهم في الحكم لسيرة من يسموهم بالكفار في بلاد الغرب سواء بعدلهم او بنزاهتهم.
ان هؤلاء لم يكتفوا بتشويه التأريخ الإسلامي وسيرة الخلفاء الراشدين فحسب بل إنهم يشوهون اليوم سيرة أهل بيت النبي العطرة عندما يدعون اتباعهم والسير على هداهم وماهم في الواقع الا اتباع لهواهم وعبيد لشهواتهم ، همهم المال والسلطة والنفوذ والتمسك بكرسي الحكم والمتاجرة بالدين الحنيف وبدم الحسين وذريته الطاهرين.
3 comments
هل اللعن يربي أجيال
هل من الدين -والذي جل مقصده عبادة الله والتقرب منه-؟اللعن
وما الحكمة من استرجاع تلك المصائب وجعلها عبادة
أليس الفساد منهي عنه في الاسلام
والله قد وضعت اليد على الجرح سلمت اناملك الذهبية
لماذا هذا العن لماذا دينكم يحثكم علي العن لماذا عقولكم ترجع الي ما قبل ١٤٣٧سنه وتنادون بالثارات لماذا هذا التخلف انها تربيه الحسينيات الخمينيه انها تربيه قم المقدسه التي لم تذكر لا في القران الكريم او سنه نبيه انها مهزلت التاريخ لما حكمتم كثر الحقد والكراهيه انكم أشدو كرها للمسلمين من اليهود (لا حول ولا قوه الا بالله)