رسالة من (مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات ) إلى مقام المراجع الكرام في النجف الأشرف حول الأوضاع الأخيرة في العراق

by admin
1 comment 412 views

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة المرجع الكبير آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله

المراجع الكرام والآيات العظام السيد الحكيم والشيخين الجليلين النجفي والفياض رعاهم الله

السلام عليكم ورحمة الله

لانشك في أنكم تدركون جيدا أن ما آلت إليه الأوضاع العسكرية  المتدهورة في العراق هي نتاج طبيعي وحصيلة متوقعة لسوء المشهد السياسي الذي أفرز قيادة سياسية وعسكرية هي أقل بكثير مما تتطلبه طبيعة الصراع بيننا وبين أعدائنا سواء كان في داخل العراق وخارجه ، والذي يتمعن جيدا فيما حصل لايستغرب من نكسة كبيرة حصلت لقواتنا كشيعة في التاسع من حزيران ، وقد تبين من خلال تلك النكسة أن الجيش ما كان يمتلك الحد الأدنى من مقومات النصر كالتسليح والاستعدات اللوجستية وعلى مستوى القيادات الميدانية التي تم اختيارها لأعتبارات خاطئة ففرت من ساحة المعركة دون قتال ، ولا نريد أن نتناول الأسباب فهي جلية لكل متخصص ، لكن لايفوتنا أن نشير إلى أهم تلك الأسباب وهو أن القيادة العليا لم تكن تمتلك الحد الأدنى من الأهلية لقيادة جيشنا وهي تتعامل مع قضية معقدة وعدو متمرس ذو خبرات كبيرة بعقلية حزبية مدنية ليس لها أي تجربة سابقة .

أيها المراجع العظام الكرام : لقد رسم لنا أمير المؤمنين عليه السلام صور واضحة كثيرة لأسباب الهزيمة أو النصر وقال في إحداها : ( أنّ أخ الحرب الأرق ، ومن نام لم ينم عنه ) ، وهذا يعني أن من يريد النصر ويسعى لحماية الأمة عليه أن يعتاد على الأرق ، وأن لايخلد للنوم ، لأنك إن فعلت ذلك فإن عدوك جاد في العمل ليل نهار من أجل أن يختطف منك النصر ، وقيادتنا المتمثلة في حزب الدعوة وأمينها ( نوري المالكي ) أمضوا ثمان سنوات ، لا همَّ لهم غير تكريس سلطتهم وتوزيع ابنائهم وبناتهم على سفارات العالم وتعيين الأقربين منهم في الوظائف الدبلوماسية والخاصة والاستحواذ على عقارات الدولة وأراضيها ، وسرقة أكبرقدر من ألمال العام ظنا منهم أن تلك الأموال سوف تساعد في بقائهم في السلطة لأطول فترة من خلال شراء الذمم أو توزيعها على الموالين ، وأن حزبا وقيادة لديها كل تلك التطلعات المادية الدنيوية سوف تخفت لديها أي رغبة لبناء الوطن والدولة ، وأن الشواهد على ذلك موثقة إعلاميا ولانعتقد أنكم بعيدون عنها ، فيما أمضى حزب البعث والقاعدة والطائفيين من أعدائنا طيلة السنوات العشر الماضية في عمل دائم وتحشيد مستمر لشعب المنطقة الغربية دارسين برويّة كل نقاط ضعفنا وقوتنا مجتمعيا ومخابراتيا ، وفي الوقت الذي تنعم فيه قياداتنا وحواشيها بنعيم الدنيا والمناصب وامتيازاتها ، ينهمك أعدائنا في رسم الخطط العسكرية لغزونا ويضعون ساعة ( الصفر ) لتنفيذ خططهم الشيطانية ، وينشطون في الخارج لصنع الأصدقاء وضمان دعم حلفائهم من الحكومات الطائفية التي تلتقي أهدافها مع أهدافهم في قهرنا وإضعافنا وكسر شوكتنا ، وكان ما كان وتحققت أهدافهم بعد أن أحسنوا التعامل معنا ومع الواقع بجدية وبحكمة الشيطان دون أن يضيعوا وقتا أو فرصة .

يا مراجعنا العظام : لقد كانت خطوة حكيمة هي فتواكم التي أرهبت العدو ودعمت الثقة بالنفس في قلوب اتباع أهل البيت في العراق بل وفي العالم ، وقد اشارت الفتوى إلى حقيقة الولاء غير المحدود ا بكم وبقيادتكم ، وأن ثمة قدسية لأوامركم التي نعتقد أنها لاتخرج عن تعليمات ووصايا أهل البيت عليهم السلام ، لكن علينا أيضا أن ندرك أننا نعيش في العراق وضعا سياسيا معقدا وأن من يمسك بزمام قيادة الأمة عسكريا وسياسيا سوف لن يدخر جهدا من أجل أن يوظف تلك الفتوى لصالحه وأن يوجهها الوجة التي تكرس وجوده على كرسي الحكم ، وخاصة أن هناك الكثير من الهواجس التي تعتمل في قلوب من قادونا إلى الفساد والفشل ثم إلى نكسة عسكرية تاريخية من أن الشعب سوف يسائلهم عن كل تلك الأخطاء ، هذه الهواجس سوف تدفعهم لتوظيف فتواكم لصالحه ، يدعمه في ذلك سلطانه غير المحدود على المال والرجال وحصانة المراكز السيادية الكثيرة التي يتحصن بها ، ووسائله الإعلامية التي اشتراها على حساب معاناة وحرمان يتامانا وفقرائنا ، والتي طفقت تدخل في عقول البسطاء منا أن وجوده صيانة لدمائنا وضمانا لعدم وصول ( داعش ) إلى بيوتنا ، ضنا منه أن ذلك سوف يزيد من شعبيته وابتعاد شبح خروجه من السلطة ، لقد صدّق الكثير تلك الفرية ، وظهرت من بيننا الدعوات لأبقائه في السلطة حتى انفراج الأزمة ، وهذا يتطلب منا السكوت عن فشله وفساده وسرقة المليارات من أموالنا وأخيرا النكسة التي منينا بها والتي سوف لن ينساها تاريخ البشرية التي لايرحم المهزومين .

يا مراجعنا الكرام : أن فتواكم الكريمة بحاجة إلى خطوة كريمة أخرى تستطيع الجموع الغفيرة التي لبت ندائكم من خلاله أن تحقق الهدف المقدس التي أطلقت من أجله ، وهو تحقيق النصر وكسر شوكة العدو والتخفيف من وطيء انتكاسة التاسع من حزيران ، فهذه الجموع التي تتقد في دواخلها جمرة الشوق للدفاع عن الوطن والمذهب لايمكن أن يقودها من كان سببا مباشرا للمأزق الذي نحن فيه ، ولايمكن للأسود أن يقودها قائد مهزوم ، والأبطال بحاجة إلى بطل همه الوحيد النصر والشهادة وتحقيق أهداف الأمة ، مجرد من حب الرئاسة وامتيازاتها او الدنيا وزخرفها ، والنبي الأكرم عندما سئل عن القائد قال عليه السلام : ( القائد من أخطأه السيف ) ، أي الذي سبق وأن خاض حروبا ولم ينله السيف ، وأصبحت لديه الخبرة والكفاءة والشجاعة ، ولا نعتقد أن أمتنا غير قادرة على توفير مثل ذلك القائد ، لكن المحاصصات السياسية والمداهنات الحزبية والمجاملات الشخصية اتفقت كلها على تقسيم (الكنز) بعيدا عن مصلحة الأمة والوطن ، وهنا يأتني تدخلكم الأبوي في اختيار قائد لجموع المتطوعين الأبطال بعيدا عن المحاصصة المقيتة ، وبعد أن عين المالكي عليهم ( فالح الفياض ) الذي ليس له أي دراية في الحرب ، وسكوتنا عن هذا الأمر يعني أننا نجازف في دماء شبابنا ومصائرهم . ندعوا ابوتكم أن تسارع إلى استنقاذ شبابنا ومتطوعينا من قيادتنا العسكرية الفاشلة واختيار من ترونه أهلا لهذه المهمة الصعبة والمسؤولية المقدسة .

إن جراح العراق تزداد اتساعا يوما بعد يوم ، ودماؤنا تسفك في ظل الانسحابات العسكرية المتواصلة في جبهات الحرب دون أن نعرف الأسباب ، ورقاب شبابنا تنحر على مذبح الفشل والإدارة السيئة للدولة والمعارك ، والوطن يا أئمتنا يستغيث والمذهب يستنهض فيكم همم أهل البيت الذين تعلمنا منهم أن نموت ولا نرضى بالعار أو الذل ، واليوم وبعد مضي أسبوعين من الانتكاسة وبعد أن افتيتم مشكورين ، لم نستطع أن نحقق ما كان ينبغي علينا بعد الفتوى وكل تلك الحشود أن نحققه من طرد أعراب داعش وأوباش البعث من المدن التي استباحوها في ساعات قليلة ، بل ما زالوا على قوتهم ونحن لم نزل على ضعفنا ، وها هي ( مدينة بيجي ) ومصفاها مدنس من قبل الإرهابيين ، وهاي جموعهم ما زالت تقاتل شبابنا في أطراف كركوك وهاهي قد أفلحت من السيطرة على القائم والوليد وتقطع أهم شريان يربطنا بالعالم  ، وأخبار انسحاب كامل لجنودنا من الحدود السورية ، أن ما يحصل مؤشر على أن حسم المعركة تحت ظل قيادة الدعوة والمالكي أصبح ضربا من الخيال ، وهذا يعني أننا مقبلون على حرب استنزافية هي ليست في صالحنا أبدا ، ربما سوف تستمر لسنوات طوال نخسر فيها دماء شبابنا ونستنزف بها خيراتنا ، لكنها قطعا في صالح من يريد أن يبقى في السلطة وهو يأنس لها لأنها طوق النجاة التي تنقذه من ثورة الشعب وحسابه ومسائلته ، فهو يسعى لانتشال نفسه وحزبه وإن غرق الوطن بما فيه .

يا ائمتنا الكرام : نحن نكبر فيكم همتكم وتحشيدكم الملايين للدفاع عن مقدساتنا ووجودنا ، لكن عدم حسم المعركة لصالحنا في زمن قصير مع امتلاكنا لكل مقومات ذلك النصر سوف يغير المعادلة لصالح أعدائنا ، وعندها سوف تخفت همة الشباب المتطوعين وسوف تجرج قدسية فتواكم التي هي أس نهضتنا التعبوية ضد الأعداء . وعليه لإغننا نضع بين أييكم الكريمة الحقائق التالية :

أولاً : لقد بدى واضحا اليوم كما هو بالأمس أن المناطق السنية غير راغبة تماما أن تحكم من قبل الشيعة لأعتبارات تاريخية لامجال لذكرها وأنتم أعلم بها ، ولذا فإن اختصار الزمن ودفع المفاسد التي يترتب على إصرارنا على وحدة العراق التي هي أصلاً غير موجودة على أرض الواقع ، واعطاء الفرصة لشعوب المنطقة الغربية ومنحهم الإقليم وسحب كامل شبابنا من محافظاتهم ، فإن وحدة العراق بعد التاسع من حزيران أصبحت مستحيلة بعد التطورات الأخيرة في المنطقة الغربية واحتضان شعبها لداعش ولكل المنظمات الإرهابية البعثية وغيرها .

ثانيا : نأمل منكم تدخلاً سريعا وقويا في المشهد السياسي والضغط على الكتل الشيعية للاتفاق على رئيس للحكومة غير السيد نوري المالكي ، ومحاولة تحشيد الرأي العام الشيعي لذلك ، فخطورة الصراع في العراق لايسمح بالمجاملة أو التهاون وخاصة أن الأمر يتعلق بنزيف دم شبابنا ومستقبل وطننا بل ومستقبل وسمعة التشيع في العالم .

ثالثاً : أن أغلب السياسيين من غير دولة القانون في العراق وكثير في الخارج يتفقون على أن بقاء المالكي على رأس السلطة يعني استمرار للمشكلة بل تعقيد لها ، ونحن نطالب والشعب العراقي المظلوم يطالب معنا أن تمارسوا حقكم في نصح المالكي بأن يضحي برغبته العارمة في البقاء بالسلطة من أجل أنقاذ  العراق فيتنحى ويكف عن إصراره في نيل الدورة الثالثة , مع امتلاكنا اليقين أن السيد المالكي وفق الظروف المعقدة سوف لن يكون في وسعه أن ينال الدورة الثالثة لرئاسة الوزراء , وإن كان في مقدوره أن يماطل للبقاء كرئيس وزراء منهي الصلاحية , وهذا سوف يضر بالعراق حاضرا ومستقبلاً .

رابعاً : إن الأوضاع غير المستقرة في العراق طيلة السنوات العشر الماضية اثبتت صحة ما ذهب إليه البعض من المفكرين في العراق من أن إقامة إقليم الوسط والجنوب للشيعة هو الحل الأمثل لحل أغلب مشاكل العراق ، ونحن ممن دعا إلى ذلك منذ أكثر من ثمان سنوات ولدينا مقالات ونداءات عدة تدعو للإعلان عن الإقليم وآخرها قبل أشهر هو ( الأقليم هو الحل ياعقلاء الوسط والجنوب ) ، لذا نحن نأمل من سماحتكم أن تدفعو بهذا الإتجاه ، لأن التعايش بين السنة والشيعة وكما هو عليه الآن أصبح وبالاً على الطرفين .

خامساً : لم نزل نتذكر دعواتكم الخيرة قبل الانتخابات للتغيير بعد أن شخصتم اسباب تخلفنا ، وهذه الدعوة أصبح أمر تأكيدها مهما  ، وفي كل يوم يمر علينا بعيدا عن حصول التغيير يعني سفك مزيد من الدماء ومزيد من اليتامى والأرامل والثكالى ، كما أن وقفة شجاعة منكم لتحقيق ما دعوتم له من قبل من تغيير في الوجوه السياسية الفاشلة لهو كفيل بتحقيق آمالنا وحقن دمائنا ، وأن في ذلك غاية الرضا لله تعالى ولرضا أهل البيت عليهم السلام .

ودامت لنا جميعا ابوتكم الرحيمة .

الدكتور طالب الرماحي

مدير مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات

23 حزيران 2014

admin@thenewiraq.com

 

 

You may also like

1 comment

SAMIR SHABA June 26, 2014 - 4:22 am

نعم ما ذهب اليه الدكتور طالب الرماحي هو تحليل منطقي ورؤية خاصة اثبتت انها الانجع في لم الظروف الذاتية والموضوعية للعراق، وكما قلنا في طرحنا الاخير تحت عنوان ( في طريقنا الى نعي وطن) على الرابط
اكدنا فيه على الحل الناجع الا وهو :
الطريق الاول: بقاء العراق موحدا مع بقاء الفوضى والموت والقتل والتفجيرات وبالتالي بقائنا نعيش بالخوف الدائم دون امن وامان، وخاصة ان لم نتدارك ونقود بحكمة المتطوعين المجاهدين (حسب طلب المرجعية الدينية الشيعية الكريمة) بعدم ارسالهم الى المناطق الساخنة وذلك تجنبا لحرب طائفية التي يراد لها حسب المخطط لتقسيم “العراق!” فهل ترضون يا سادة يا كرام ان ننعي وطننا؟

الطريق الثاني: تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم مع حفاظ الامن والامان وانهاء الفوضى، اي الانتقال من عراق فيدرالي هش مثل هشاشة السياسيين (عدا تجربة حكومة اقليم كوردستان) الى ثلاث حكومات “دون ذكر اسم العر كما هو مرسوم!!
اذن الخيانة يا سيدات وسادة ليس لها لون وطعم ولكن لها رائحة الناتجة عن مزبلة التاريخ! عليه يمكنكم مع شعبكم الجريح ان تخلقوا طريق (جديد / قديم) هو الرجوع الى الاصالة التي فقدتموها خلال دورتين برلمانيتين، وتعلمتم على صرف ملايين الدولارات بعدما كنتم تتسولون (فوت ستام) من دول الجوار والدول الغربية، هو العراق الفيدرالي القوي بشرط ان يكون مستقل! بكل ما للكلمة من معنى
اي يعني العراق الفيدرالي المستقل نعم قوته في استقلاليته وهذه لا تتأتى بالولاية الثالثة للسيد المالكي مطلقاً بل بشخصية خاصة كقائد للعراق والعراقيين – دمتم

Reply

Leave a Comment

About The New Iraq

( العراق الجديد) صحيفة ألكترونية تصدر عن المركز الإعلامي العراقي في لندن حرة غيرمرتبطة بأي جهة أوتكتل سياسي تهدف الى خدمة أبناء شعبنا العراقي وتدافع عن مصالحه السياسية والثقافية والإجتماعية

All Right Reserved. 2024 – TheNewIraq.com – Media & Studies Centre