مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات – ١٣ تشرين الثاني ٢٠١٩ : ألقى رئيس الوزرعبدالمهدي خطاباً شدد فيه على “التزامه الكامل بنص خطبة المرجعية
الدينية العليا، ورؤيتها الثاقبة وحكمتها المعهودة، وخارطة الطريق التي رسمتها” مؤكداً أن “كلمة المرجعية العليا هي كلمة الفصل في التشخيص والعلاج”.
ومضى عبدالمهدي في سرد قائمة من الوعود و”الاجراءات الإصلاحية” التي قال إنه أنهى جزءاً منها، وأنه بصدد إتمام ما تبقى.
وأكد عبدالمهدي أنه “لا يتهم اية دولة تربطنا بها علاقات صداقة أو تعاون، ولا اية قوة سياسية معروفة أو أحزاب أو وسائل إعلام، فهذه كلها لها مصلحة باستمرار الهدوء والاستقرار في البلاد والحفاظ على أمننا ونظامنا السياسي” كما قدم الشكر “للعدد الكبير من الدول الصديقة والمؤسسات الدولية التي اتصلت وعبرت عن دعمها وتضامنها مع العراق حكومة وشعباً، وأخص بالذكر دول الجوار: الأردن والسعودية والكويت وإيران وتركيا وسوريا”.
وأضاف “سنطلب من مجلس النواب التصويت على تعديلاتٍ وزاريةٍ يومَ غدٍ الخميس كما سيصوتُ مجلسُ الوزراء يوم الثلاثاء القادم على مرشحي مجلس الخدمة الاتحادي، فضلاً عن إصدارقائمة اولى عن احالة عدد من كبار المسؤولين الى المحاكم خلال ساعات”.
أدناه النص الكامل للخطبة كما ورد من المكتب الاعلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))
يا ابناءَ شعبِنا الكريم
يا أخواتي وإخوتي وأبنائي وبناتي في كلِّ محافظةٍ ومدينةٍ وقريةٍ وبيتٍ عراقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنها المرةُ الثانيةُ التي أخاطبُكم فيها في ظرف أسبوع ، خطاباً صادقاً من القلب ِإلى القلب ، في مرحلةٍ حساسةٍ مرتْ بها البلاد …
مررنا بأسبوعٍ واجهَ فيهِ العراقُ ، كلُّ العراقِ ، تحدياً اجتماعياً وسياسياً لديمقراطيتِه النامية..
أسبوعٍ خرجَ فيه مواطنونَ بتظاهراتٍ كفلها لهم الدستورُ..
وخرجتْ قواتُكم الأمنيةُ ، بنيةٍ سليمةٍ ، والتزامٍ صادقٍ ، لتؤدي واجبَها الدستوريَّ والقانونيَّ بحمايةِ المتظاهرينَ والأرواحِ والممتلكاتِ العامةِ والخاصةِ..
لقد اصدرنا تعليماتٍ مشددةً بعدمِ استخدامِ الرصاصِ الحيّ، ولكنْ رغمَ ذلك ، سقطَ عددٌ كبيرٌ من المتظاهرينَ ومن قواتِ الامنِ نتيجةَ اطلاقِ النارِ..
نعم ، هناك اسئلةٌ مشروعةٌ حول ما جرى خلالَ الأيام الماضية ، ندرسُها بعمقٍ وحرفيةٍ وموضوعيةٍ.. وتجري الآن تحقيقات تفصيلية في كل مواقع الأحداث..
ولكننا أمام حقيقة واضحة لمْ ولنْ تتغير، ويجب أن نتفق عليها ، وأن نؤكدها جميعا:
إنّ لدينا قواتٍ مخلصةً وشجاعةً ، قامتْ بواجبِها..
ولدينا جمهورٌ ارادَ التعبيرَ عن مطالبهِ بمظاهراتٍ سلميةٍ.
وليكن واضحاً لنا جميعاً ، فإنه ليس امراً متناقضاً اننا مع التظاهراتِ ومع القواتِ الامنيةِ ومع حرية الإعلام والنشطاء في آنٍ واحدٍ،
فهؤلاء كلهم أخوةٌ في وطنٍ واحد ..
وهذه كلها حقيقةٌ واحدةٌ.. وانتماءٌ واحدٌ.. وهدفُها واحدٌ .. وهو بناءُ دولةِ المواطنِ ، الخادمةِ والراعيةِ والحاميةِ لشعبِها ، في مسيرتِه الطويلةِ لتحقيقِ اهدافهِ وتطلعاتهِ المشروعةِ.
لذلك ، نرفضُ سويةً منطقَ الفتنةِ ، وسنقفُ سويةً ضدَّ المخططاتِ الانانيةِ ، وسنقفُ دائماً مع المطالبِ المشروعةِ للمتظاهرينَ، وسنقفُ دائماً سنداً لقواتِنا الأمنية ، وسنقف دائماً مع الحريات العامة.
إنه صراعُ اللا دولةِ مع الدولةِ… والفوضى مع النظامِ واحترامِ القانونِ ، فدعاةُ الفوضى لنْ ينجحوا.. وسنقفُ وقفةَ رجلٍ واحدٍ امامَ حجمِ الخطرِ الذي يهددُنا جميعاً اذا ما اهتزتْ اسسُ الدولة..
فهي بيتُنا الكبيرُ الذي يجمعُنا.. والذي يحفَظُ لنا – تحت ظلِه – حقوقَنا وطموحاتِنا ومستقبلَنا..
يخطئُ من يستهدفُ الدولةَ أو يسعى لإضعافِها ، فهي الثابتُ مهما تعددتْ وتغيرتْ الحكوماتُ ، خصوصاً في ظلِّ نظامِنا الديمقراطي ، والتداولِ السلميِّ للسلطةِ فيهِ.
إنّ هذا الشعبَ المعطاءَ سطّرَ الكثيرَ من قصصِ البطولةِ والثباتِ والنُبلِ خلالَ الأيامِ القليلةِ الماضيةِ ، ولقدْ شاهَدنا الشرطيَّ يعالجُ المتظاهرَ، والمتظاهرَ يسقي الجنديَ ..
اما حالاتُ الاعتداءِ أو القيام بعمليات الحرق والتخريب ، فهي لا تنتمي لهذا الشعبِ سواء كانت على المتظاهرين أو المصالح العامة أو الخاصة أو القوات الأمنية أو الفضائيات أو مقرات الأحزاب أو وسائل الإعلام أو النشطاء أو المدونين أو مواقع التواصل الأخرى التي تحترم الدستور والقانون والنظام..
إنها وحدتُكم أيُها العراقيون.. فهي التي اسقطْتُم بها الدكتاتوريةَ ، وأسستُمْ – يداً بيد – نظامَكم الديمقراطيَّ هذا … رغمَ ما تعرضتُم له لسنواتٍ من الدمارِ والحروبِ والقتلِ والإرهابِ..
بوحدتِكم ، هزمتُم داعشَ أمسِ..
وبوحدتِكم ، نعزز قيمنا الديمقراطية والحريات العامة …
وبوحدتكم نبني بيتَنا –العراق- .. حيثُ نعملُ سويةً لتجاوزِ كلِّ الاوضاع ِالسلبيةِ التي خرجتْ التظاهراتُ من اجلِ علاجِها.
وها نحنُ اليومَ ننتقلُ من الغضبِ الدافقِ .. إلى الحزنِ العميقِ والمراجعةِ الصادقةِ والإصلاحِ ..
خسِرنا عدداً كبيراً من الشهداءِ والجرحى ، من أبنائِنا وبناتِنا ، من المتظاهرين والقوات الأمنية ..
في وقتٍ يعُزُّ على هذه البلادِ المضحيةِ .. ان تفقدَ قطرةَ دمٍ واحدةً من اجسادِ ابنائِها المخلصينَ – جميعِ أبنائِها – … دونَ تمييزٍ بينَ مدنيٍ وعسكريٍ ، بينَ متظاهر ورجل أمن ، ورجل إعلام وناشط ..
ففقدنا – بقلوبٍ تتقطعُ – الأخَ وأخاه ، والأبَ وابنَه ، والأمَّ وابنتَها ، والصديقَ وصديقَه…
ولقد ، واللهِ ، تركوا فينا قلوباً يعتصرُها الألم ، وأكباداً حَرّى ، وجروحاً عميقةً ..
ولكنَّ لنا برسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أسوةٌ حسنةٌ ، فنقولُ: (إنَّ العينَ لتدمعُ، وإن القَلب ليحزنُ، وإنّــا على فراقِكم لَمَحزونون).
لقد آنَ للجُرحِ العراقيِّ أنْ يندمِلَ بالعملِ الجادِّ والعطاءِ المخلِص لخدمةِ هذا الشعب …
خطاب عادل عبد المهدي وحزمة إصلاحات جديدة
1.5K