هدى جاسم (بغداد)- تفاقمت الأزمة بين بغداد وأربيل بسبب قانون النفط والغاز الذي رفعه مجلس الوزراء العراقي إلى مجلس النواب للمصادقة عليه، إضافة إلى عرقلة تنفيذ اتفاقات أربيل التي دفعت التحالف الكردستاني يلوح بالانسحاب من الحكومة العراقية ونشر أوراق الاتفاق، وسط توقعات بأن تعيد هذه الأزمة تشكيل التحالفات التي شكلت بموجبها حكومة نوري المالكي. واستمر إقليم كردستان العراقي بتعليق تصدير النفط عبر منظومة تصدير النفط الخام العراقي، فيما أكد خبير اقتصادي عراقي لـ”الاتحاد” أن النفط الذي جاء بحكومة المالكي يهز تحتها الأرض وقد يطيح بها.
وقالت مصادر سياسية عراقية لـ”الاتحاد” أمس أن الأكراد حلفاء المالكي بالأمس، يوشكون أن يتحولوا إلى حلفاء لخصومه، في إشارة إلى القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي. وقال القيادي الكردي مستشار رئيس الوزراء لشؤون إقليم كردستان عادل برواري إن “مشروع قانون النفط والغاز تم تمريره في مجلس الوزراء من دون استشارة إقليم كردستان”، مضيفاً أن “الحكومة المركزية تعاملت مع الإقليم كأنها محافظة بل أقل”.
وأضاف أن “جميع الكتل رغم خلافاتها متوافقة على تمرير هذا القانون، والتحالف الكردستاني لا يملك سوى 44 مقعداً”، مؤكدا أن “القانون سيمرر حتى لو عارضناه، وبالتالي لا فائدة من مناقشته في البرلمان، وإذا تم ذلك فسنقاطع جلسات البرلمان والحكومة المركزية”.
وأوضح برواري أن “بارزاني دعا الوزراء والنواب الأكراد إلى الاجتماع في أربيل الثلاثاء للرد على استخفاف المالكي وحكومته بطلب الأكراد سحب مشروع القانون”. وبشأن اتهام نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني الإقليم بخفض صادراته من النفط، ذكر أن “الأجدر بحكومة بغداد تهدئة الأوضاع وترطيب الأجواء وعدم تصعيد الموقف”، مرجحاً أن “يزور وفد من الإقليم برئاسة برهم صالح بغداد بعد اجتماع الثلاثاء حاملا مقترحات لمعالجة مسألة النفط والغاز، والمشاكل العالقة”.
وكان الشهرستاني طالب أن تكون العقود في كردستان شفافة وليست “خلف أبواب مغلقة”، وشدد على أن تلك العقود لم تعرض على الحكومة المركزية.
وفي شأن متصل اعتبر الشهرستاني اتهامات زعيم القائمة العراقية أياد علاوي إدارة ملف الطاقة بهدر عشرات المليارات من المال العام، بأنها تهدف إلى التشكيك بالإنجازات التي تحققت في قطاع النفط. وذكر أن جولات التراخيص أسهمت في إيقاف تدهور إنتاج النفط ورفعت الإنتاج بمعدل أكثر من 10% خلال سنة واحدة.
وفي السياق أعلنت شركة نفط الشمال أنها لم تتسلم أية دفعات من النفط الخام المنتج في حقول إقليم كردستان لتصديرها عبر منظومة تصدير النفط الخام العراقي باتجاه ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، لليوم الثاني على التوالي.
إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي العراقي صادق الركابي لـ”الاتحاد” إن النفط الذي جاء بحكومة المالكي، يهز الأرض اليوم تحت أقدامها، مع بروز اصطفافات وتكتلات جديدة قد تغير الخريطة السياسية الحالية، بعد الأزمة التي انفجرت بين الأكراد والمالكي بسبب قانون النفط والغاز ومشاكل أخرى.
وأوضح أن “وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي لم يكن يتصور أن يتحول المؤتمر الترويجي لجولة التراخيص الرابعة لتطوير حقول النفط والغاز، الذي انعقد في عمان، إلى مؤتمر يتم الإعلان فيه عن توقف تصدير النفط العراقي من كردستان بشكل كامل”.
وأضاف أن هذا التوقف المفاجئ أطاح بكل الآمال التي عقدتها الحكومة العراقية على جولة التراخيص الرابعة، والتي تشمل 12 رقعة استكشافية تغطي ما يفوق 80 ألف كيلومتر مربع من مساحة العراق، وبمشاركة أكثر من 40 شركة نفط وغاز عالمية.
وقال “هذا التوقف يضر بالاقتصاد العراقي وقد تتجاوز خسائره 13 مليون دولار يومياً، ناهيك عن زعزعة ثقة المستثمر الأجنبي بالسوق النفطية العراقية وانعكاس ذلك على القطاعات الاقتصادية الأخرى”.
وقال إن السجالات السياسية والاتهامات بين الأكراد وحكومة بغداد، وبالذات اتهام بارزاني لحكومة المالكي باتباع دكتاتورية اقتصادية، يضاف إليها أزمتا قانون النفط والغاز واتفاق أربيل، فجرت الخلاف القديم الجديد بين الطرفين.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط التي وصلت أحيانا إلى أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد، والتوقعات بتحقيق فائض في الموازنة العامة لهذا العام بحدود 20 مليار دولار، عزز الشعور لدى بغداد بأهمية فرض بعض السياسات المالية التي تسمح لها بالاستفادة من هذه التغيرات.
وتابع “أصرت حكومة بغداد على أن تودع الإيرادات النفطية في البنك المركزي وضمن حساب الدولة الاتحادية بحيث يتم صرف هذه الإيرادات من خلال وزارة المالية، وهو ما رفضه الأكراد الذين طالبوا بآلية تلقائية للصرف ودون تدخل وزارة المالية”.
وأضاف أن الملفات السياسية فاقمت العلاقة المتوترة بين بغداد وأربيل، حيث تعثر تطبيق اتفاق أربيل، إضافة إلى تشكيل المالكي لجنة للعلاقات الخارجية تسحب البساط من تحت وزارة الخارجية التي يرأسها هوشيار زيباري، ما اعتبره الأكراد محاولة للالتفاف على حقوقهم.
وقال “المالكي يلوم الخارجية لضعف إدارة ملفات العراق الخارجية وكسر عزلة العراق عربياً وإقليمياً، وضعف معالجة أزمة ميناء مبارك مع الكويت، فيما ينتقد الإقليم تراخي حكومة المالكي في التصدي للاعتداءات والقصف التركي والإيراني للقرى الحدودية وتوغل قوات هاتين الدولتين في أراضي العراق”.
وأضاف “يأتي الخلاف بين المالكي وكردستان في ظل تقارب ملحوظ بين القائمة العراقية والأكراد، في حين يهدد التيار الصدري بإجراءات قد تصل إلى سحب الثقة عن المالكي.
وقال “الصراع الحالي بين الأكراد والمالكي يأتي في وقت حرج جدا بالنسبة للأخير، فهو لا يزال غير قادر على حسم ملفات كثيرة عالقة ليس أقلها ملفات الأمن والفساد المالي والإداري التي حيث أطاح الأخير برئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي.
استئناف إنتاج النفط من حقل طاوكي
أوسلو (رويترز) – قالت شركة «دي. إن. أو إنترناشونال» النرويجية للنفط أمس، إن الإنتاج بحقل نفط طاوكي الذي تديره في كردستان العراق قد عاد إلى حوالي 50 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً بعد عطل في خط أنابيب قبل يومين.
وقال توم براتلي المتحدث باسم «دي. إن. أو» أمس «حدث توقف لنحو 26 ساعة، لكن عدنا الآن إلى الإنتاج الكامل، مررنا ببعض التوقف منذ بدأنا الإنتاج مجدداً في فبراير».
وكانت حكومة إقليم كردستان قالت أمس الأول إن صادرات النفط عبر خط الأنابيب الرئيسي من المنطقة الكردية حيث تعمل «دي. إن. أو»، قد توقفت بسبب مشكلات فنية.
وأضافت أن شركة نفط الشمال العراقية تعرضت لـ»مشكلات فنية خطيرة» في خط أنابيب التصدير الرئيس الذي ينقل نحو 100 ألف برميل يومياً، ونفت تقارير أنه جرى تعليق الصادرات عن عمد.