رد على مقال أبي المعالى فائق أحمد عضو قيادة حزب العمل المصري
( صدام منا آل العرب)
* وربما يقول قائل أليس ما فعله صدام حسين بغزوه لأرض الكويت كان من الأخطاء القاتلة نقول هذا صحيح وقد اعتذرت القيادات العراقية للشعب الكويتى *
هذا مقطع مما ذكره أبو المعالي في مقالته المنشورة في دنيا الوطن ، وهي بلا شك تعكس بصدق نظرته ( الغريبة) للأحداث التي تمر بها الأمة العربية ، فمن هذا نفهم أن غزو الكويت من قبل صدام وإدخال الأمة العربية ( والمتكلم عن لسانها أبو المعالي) في نفق أظلم ما زالت تتخبط به لحد هذه اللحظة ، وحرق قدرات الأمة ، والتسبب في سفك دماء أكثر من مليون مسلم عربي ، واعطاء الذريعة الجاهزة للأمريكيين ( الذي يكرههم أبو المعالي) في دخول المنطقة مرتين الأولى في 1991 والثانية في 2003 ، ونضيف أيضا أن دخول الكويت كان مدعاة لضعف قاتل نخر وما زال ينخر في جسد الأمة العربية ، ناهيك عن المضاعفات الأخرى التي لا مجال لذكرها إذ سيطول بها المقال لحد تعكر الحال … هذه المصائب التي نزلت مرة واحدة على ( عرب أبو المعالي) كلها كانت بسبب دخول صدام الى الكويت ، أما كاتبنا والحريص على مستقبل الأمة فإنه يعتبر هذه ( النزوةالصدامية ) مجرد اجتهاد أخطأ فيه وقد ( اعتذر منه ) وما على ( العرب) إلا أن يرفعوا قبعاتهم له احتراما له وقبول الاعتذار … ماذا يعني هذا في فكر وتوجه (أبي المعالي) والكثيرين من كتاب ( القومية العربية) ؟ ولماذا مثل هؤلاء الكتاب يتناولون قضايانا العربية والإسلامية من زوايا ( قومية) خالصة يتجاهلون فيها الكثير من المباديء الأنسانية أو السماوية بل وحتى العقلائية ؟ وهل يعتقد أولئك أن مجرد الدفاع عن المجرم هو كافٍ لطمس جرائمه ، وهل يشكل ذلك اسلوبا عاقلاً في إصلاح الأمة والوطن ، أم هو تكريس للجريمة وتبرير لها وتشجيع لفاعلها ومن أراد أن يحذو حذوه ؟ وهذا ما فعله العرب في مساندتهم لصدام في حرب الثمان سنوات مع إيران الأمر الذي جعل صدام يصدق ما ( ينعق به العرب وكتابهم ) من أنه قائد الأمة العربية وحامي البوابة الشرقية وقائد الضرورة .. و.. و من الأسماء التي بلغت في عددها ( اسماء الله الحسنى) ، وما كان إلا أن استدار للعرب وقادهم من تلابيبعم ليدخلهم في هذه الدوامة المهلكة التي لا يعلم عواقبها إلا الله ، كل ذلك ويعتبر أبو المعالى صدام( قدوة) ويطالب العرب في أن يتعلموا من إسرائيل كيف استطاعت أن تنقذ ( عزام ) من السجون المصرية لكي تنقذ ( قائد الضرورة) من سجنه في العراق .لكن (ابوالمعالي) وهو يناقش مسألة الجاسوس الإسرائيلي لم يسأل نفسه لماذا تهالكت إسرائيل لاستنقاذ جاسوسها ، وهل يمتلك صدام مايمتلكه عزام لكي تتحرك العرب وتتحمس له وتستنقذه من سجنه ؟ .. بالطبع لم يسأل نفسه ناسيا أو متناسيا أن عزام رجل صاحب مبدأ وقد ضحى بحريته من أجل خدمة اسرائيل ورمى نفسه في اتو ن المخاطر من أجل شعبه ، هذه التضحيات مهدت له التحمس الإسرائيلي من أجل انقاذه ، لكن ماذا قدم صدام للعرب ولقضية (أبي المعالي) .. بالله عليكم أيها القراء أيها المنصفون . ماذا قدم صدام الى القضية الفلسطينية بالذات منذ اختطافه للسلطة في العراق سنة 1979 ولحد سقوط صنمه في ساحة التحرير في وسط بغداد ( الصنم) الذي كلف الشعب العراقي اكثر من مليونين من الدولارات وهو واحد من الآف الأصنام التي عملها صدام ليخدع بها أبي المعالي وأمة العرب ، ماذا قدم صدام للأمة العربية غير الحروب والتخلف وانهار من الدماء وألوان شتى من الصراعات العربية العربية والعالمية العربية والمهالك الداخلية .. ودعنا نحصر الأمر في القضية الفلسطينية .. متى بدأت اتفاقيات (أوسلو ومدريد) الم تحصل بعد مهلكة ( أم المعرك) وغزو الكويت ، وكل العقلاء يقرون أن الأمة العربية بلغت أوج ضعفها في هذه الفترة وهذا الضعف هو من قاد العرب من تلابيبهم ليجلسوا ويحاورو إسرائيل وقبل ذلك كانوا متمسكين ببقايا الكرامة وبقايا قوة يحافضون بها على ذلك الشرف ، حتى قضى صدام بغزوه الكويت فأجهز على ما تبقى للعرب من شعور بالكرامة والقوة ما يحافضون به على مواقفهم مقابل اسرائيل .. إذن صدام كان سببا في مشاعر الضعف التي كانوا يستشعرون بها وقد أصبحوا بعد غزو صدام للكويت أمة مهلهلة ، مقسمة على نفسها يتربص بعضها للبعض لاحول ولا قوة لها أمام الكيان الصهيوني الذي يمتلك أكثر من 200 راسا نووياً .
أبو المعالي يطلب من العرب الإستفادة من التجربة الإسرائيلية في انقاذ صدام من الأسر ، لكنه لم يسال الشعب العراقي ذلك . لماذا ؟ لأن أبو المعالي يدرك الكثير من الحقائق، لكنه يكتمها ولا يريد أن يبوح بها لأسباب ( يدركها العقلاء) ، وأن من هذه الحقائق أن صدام كان ( جلادا) لشعبه ، احرقه واستهان به وأذله، وما كانت ثمة أية مشاعر إنسانية تربط الطرفين ، نعم كانت ثمة علاقات وطيدة بين الجلاد وسياطه ( من القوميين العرب ) والتي كانت تلفح ظهر الشعب العراقي طيلة عقود ثلاثه ، هذه السياط ظلت معلقة على الظهور حتى أطيح بأذرع الجلاد فسقطت معها.
الغريب والمضحك في ما ورد بمقال أبي المعالي هو أن صدام كان العقبة الوحيدة بوجه أمريكا في تنفيذ مشروعها في المنطقة ، وهو يشفق على صدام ويدافع عنه في مقاله وكأنه الأمل والقائد الفذ الذي كان من المقرر لو بقي طليقا أن يقود الأمة الى النصر على إسرائيل .. وانا اشفق على هكذا تفكير يرشح عن فلسطيني يدعى الدفاع عن قضيته وهو يفهم الأمور ( بالمقلوب) ويتجنى على الحقائق بل ويخدع نفسه وقارئيه وهذه سبة على القضية الفلسطينية تأتيها من أبنائها .. وأنا أحاول أن أبين بعض الحقائق التي إما أن (أبا المعطي) يجهلها أو أنه يداري مصالحه الشخصية على حساب قضيته المقدسة ..
صدام حسين منذ استلامه للسلطة ادخل العرب جميعاً في حروب لا طائل لها استنزفت أموالها وأبنائها ، وهذا يعني إن صدام كان يتعاون مع امريكا واسرائيل لأضعاف العرب وتهميش القضية الفلسطينية ، وإلا فإن صدام ليس ضعيفا بالجغرافية ، فاعتقد أن إسرائيل تقع شرق العراق فاندفع للقضاء عليها ثم تبين له أنه غزا إيران بالخطاً . ثم أخطأ مرة أخرى فغزا الكويت البلد العربي الصغير ضاناً ان هذا البلد هو إسرائيل . ولذا فإن قدسية صدام من قبل القوميين العرب ومنهم أبي المعالي جاءت نتيجة لإخلاص صدام للقضية الفلسطينية لكن ، مالحيلة فقد كان ضعيفا في تحديد موقع اسرائيل ..إن هذا يدل بما لايقبل الشك أن الأمريكيين كانوا في تنسيق كامل مع صدام حسين اثناء غزوه لإيران وللكويت ، ولذا كان القوميون العرب – ولسباب خاصة جداً- يعتقدون أن صدام اجتهد فأخطأ ، فإن الواقع يقول أن صدام كان عميلاً متمرسا ومخلصاً للكيان الصهيوني ولأمريكا ، وأن الدفاع عنه خيانة كبرى للقضية الفلسطينية بكل أبعادها…
صدام حسين وخلال السنوات الأخيرة قبل سقوطه استمات من أجل إرضاء الأمريكيين مقابل الكف عنه ، وقد كلف العديد من الأطراف العربية وغير العربية للتوسط ، وكانت رسالته مع الوسطاء الى الأمريكيين ( خذوا ما شئتم من العراق وافعلوا ما تشاؤون واملوا علي ماتريدون مقابل بقائي في السلطة) وقد كلف في ذلك اطرافا عديدة منها مصر والأردن وقطر ومسؤولين من روسيا وآخر خطوة قام بها هو إرسال وزير خارجيته طارق عزير الى بابا الفاتيكان في روما . أتصدق يا أبا المعالي ذلك أم أن صدام ( ملك معصوم وترابي لا يفكر في الدنيا والسلطة وبناء القصور الفخمة التي كلفت الشعب العراقي سبعة بليارات فقط خلال المدة ما بين 1991 و 1998 أي أن الشعب العراقي وقتها تحت الحصار ويموت من أطفاله فقط مليون ونصف في كل سنة نتيجة لنقص المواذ الغذائية والأدوية مع أن الحصار لا يشمل هذين المادتين ) ..
(منذ أكثر من ثلاثين عاما رفع الرئيس العراقى صدام حسين نفط العرب للعرب) هذا ما ذكرة أيضا أبو المعالي في مقاله وهو مبهور بشعار ( القائد الهمام) ولايدري أن صدام من سنخ أولئك المولعين بإطلاق الشعارات ، الشعارات البراقة التي لاتجد لها صدى في عقول العقلاء ، نعم تجد لها محلاً في ذهن القومجية العربية ، وإلا هل يستطيع هؤلاء القومجية أن يذكروا مدى ما انجزه (قائدهم الهمام) من هذا الشعار وغيره من الشعارات التي اراد منها أولا وآخرا خداع العقلية العربية المتخلفة ، وقد فشل إلا ضمن نطاق بعض العقليات التي ترتبط به وأجهزته الإعلامية العربية المرتزقة ؟؟ ..
همسة في أذن أبي المعالي وكل شعبنا الفلسطيني :
رفقا بالقضية الفلسطينية ، ورفقا بأرواح الشهداء الذين يقفون في صف الاستشهاد طمعا في النصر على العدو الصهيوني ، فليس من الحكمة أن يفقد أهلنا في فلسطين شعب كشعب العراق من أجل ( رجل ) يشهد العالم بأسره أنه جلد شعبه وأهان جيرانه ومارس كل ألوان العهر السياسي ليبقى في السلطة ، هذا الرجل لايمتلك أدنى حدٍ من الرجولة وقد رأينا جميعا كيف أخرجه الأمريكيون من جحر تحت الأرض ، اشعث الرأس كث اللحية يشعر من ينظر إليه بالخجل .. إنه من غير المعقول أن يبقى بعض الفلسطينيين وبحجة العداء لأمريكا متمادين في جرح مشاعر الملايين من أبناء العراق فهناك نساء فقدن أولادهن وشيوخ فقدوا فلذات أكبادهم وأطفال تيتموا ، بلد بحاله اصبح قاعا صفصفا ، كل ذلك بسبب نزوات ( صدام) ، ثم يأتي من يدافع عنه وببساطة ساذجة أو أنها مدفوعة الثمن أو أنها ترتكز على شبهات زرعها أو هيأ لها بعض الإعلاميين الذين لا هم لهم إلا المصالح الدنيوية وإن كانت على حساب شعب العراق أو شعب فلسطين .. أقول أن الشعب العراقي باق وصدام وغيره من القتلة ماضون ، والتعامل مع الحي أحجى من التعامل مع الميت ، وخاصة أن شعب العراق قد حسم أمره في إقامة دولته الديمقراطية ولن يثنيه نعيق الغربان ولا مكائد الحاقدين ، لكنه يبقى مخلصا لقضيته في فلسطين ويبقى يدخر في ذاكرته موقف العقلاء وتخرصات الأغبياء ، ليتعامل معهم ويلزم كل منهم ما ألزم به نفسه ، ولا يفوتني أن أذكر حقيقة وإن كان ذكرها مرُّ ومناقشتها أمر .. وهي أن بعض أعداء العراق وفلسطين قد ركبوا موجة خطيرة قد تغرق الجميع ونكون فيها جميعنا الخاسرون ، هؤلاء ينظرون الى شعب العراق بعين طائفية مقيتة ، فشعب العراق في نظرهم مسلم شيعي لا يجوز التعامل معه ، ولايجب أن يترك لحاله فتكون الغلبة للشيعة وهم الأكثرية في حكم العراق لذا يستوجب التعاون مع ( الشيطان) من أجل أن يبقى العراق في هرج ومرج أو أن تعود القلة من المسلمين السنة الى قيادة البلد ، هذا الطرح الخطير الذي تروج له الكثير من الحكومات العربية هو من صالح الحكومات لكنه أبدا ليس من صالح شعبنا العربي وخاصة في العراق وفلسطين ، لذا فإن على شعبنا الفلسطيني أن ينتبه الى هذه النعرة التي ورثها دعاتها من الفكر السلفي الأموي والوهابي الذي يؤمن بالأرهاب كوسيلة للتفاهم مع المخالفين ، ولا أعتقد أن من مصلحة شعبنا الفلسطيني أن يركب هذه الموجة الطائفية أو يسمح لكتابه أن يروجوا لها ، بل أن من صالحه أن يضع يده في يد شعب العراق المظلوم وخاصة أن تاريخ الشيعة وعلى مر العصور لم يشهد أي نوع من أنواع العنف وارتكاب المظالم بحق الآخرين ، وأن اختيار الشيعة للمقاومة السلمية لا تعني بأي شكل من الأشكال القبول والتسليم للمحتل فإن تاريخ الشيعة القريب مازال ماثلاً في الأذهان عندما حاربوا الأنكليز سنة 1920 وهي ما تعرف بثورة العشرين ، وأعتقد ان كل المؤرخين المعاصرين يعترفون من أن الشيعة في العراق الوحيدون الذين حاربوا الغزو الأنكليزي عند قدومه واحتلاله للأراضي العربية مطلع القرن الماضي . إذن الموقف الشيعي الآن يتميز بالحكمة في معالجة الغزو الأمريكي للعراق وخاصة أن ليس هناك ما يدل على أن الشيعة كانوا سببا في دخول أمريكا الى العراق بل أن الجميع يعترفون من أن ( صدام ) كان سببا مباشرا لحصول هذه المأساة ، والشيعة يتحاورون مع المحتل لأقامة عراق ديمقراطي يضمن عدم مجيء جلاد آخر ( كصدام) وأن الأمريكيين قد اعلنوا أكثر من مرة من أنهم سوف يغادروا العراق بعد أن تتشكل حكومة ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب . والشعب العراقي يعد أخوتنا في فلسطين وفي العالم من أن الأمريكيين إذا ما أخلفوا الوعد في الرحيل بعد استقرار العراق فإنهم سوف يجدوا الشعب العراقي جميعا والشيعة في مقدمة الجميع صفا واحدا لأجبار المحتل على مغادرة البلاد…..ه