كشف الناطق الرسمي باسم لجنة النزاهة النيابية عن صدور مذكرتي استقدام لوزير الهجرة والمهجرين السابق “عبد الصمد سلطان” ووزير الكهرباء الحالي “رعد شلاه” ومجموعة من وكلاء الوزارات ومدراء عامين، وقال القاضي جعفر الموسوي في تصريحات صحفية “كل العراق” إن لجنة النزاهة في مجلس النواب ماضية في تحريك جميع ملفات الفساد السابقة والحالية وكشف المتورطين فيها.
وكانت قد صدرت قبل هاتين المذكرتين مذكرتا اعتقال بحق وزيري التجارة السابقين عبد الفلاح السوداني وصفاء الدين الصافي على خلفية قضية زيت الطعام الفاسد الذي استوردته الوزارة ضمن مفردات البطاقة التموينية.
وقد كشفت لجنة النزاهة في البرلمان عن امتلاكها 9000 آلاف وثيقة غارقة بالفساد المالي والإداري ضمن ملفات تخص أجهزة كشف المتفجرات وإعمار مدينتي الصدر والشعلة والطائرات الكندية، وأكدت اللجنة تورط وزراء ووكلاء وزارات ومديرين عامين وضباط كبار في هذه الملفات.
نقول إذا أخذنا هذا الكلام مأخذا جديا، وتلمسنا خطوات عملية في هذا الاتجاه ، فإننا نستطيع أن نقول إننا نضع الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لمكافحة الفساد المالي في مؤسسات الدولة، ونكون قد تجاوزنا عقدة الكبار وانتقلنا إلى محاسبتهم قبل الصغار الذين ذهبوا ضحية أعمالهم أولا وذرا للرماد في عيون الآخرين من اجل حماية الكبار ثانيا.
الفساد في بلدنا يقوده الكبار، وهي حقيقة يعرفها الجميع، وسبق أن قال رئيس هيئة النزاهة إن الأسماء المتورطة في قضايا الفساد لا يمكن الإعلان عنها بسبب مواقعها الحساسة في كل مرافق الدولة، والآن نكون قد تجاوزنا الخوف من الكبار وذهبنا مباشرة إلى رأس الأفعى “لا نقصد الذين تم استدعاؤهم حتى تثبت التهم عليهم ويقاضيهم القضاء”. وعلى الهيئات المختصة في مكافحة هذه الآفة، أن تكشف الجميع كل الجميع المتورطين بنهب المال العام بسبب مواقعهم القيادية والمؤثرة في مؤسسات الدولة التي تحولت إلى مصدر “رزق” لكل من اعتقد أن وجوده في موقع قيادي هو فرصة لا تعوض ولا تقدر بثمن من اجل الإثراء غير المشروع على حساب شرائح واسعة من الشعب العراقي تعاني من مختلف أنواع الأزمات ومن مستويات فقر مريعة، احد أسبابها، الفساد الذي يعتبر الوجه الآخر للإرهاب!
نعم اكشفوهم جميعا بلا استثناء، لان الاستثناء الذي سيقع في قبضة التوافقات السياسية والسكوت المتقابل والمتبادل للمفسدين والفاسدين، سيفرغ الحملة من محتواها، ويحولها إلى مجرد مزايدات في الوطنية والحرص على المال العام ومستقبل البلاد. ولنتعظ من تجارب الدول المتحضرة التي حاربت الفساد وما زالت تحاربه، والتي لم تستثن أي مسؤول حتى في قمة هرم السلطة، ذلك أن تلك الحملات كانت خطوطها الحمر هي خطوط القانون والدستور وليس خطوط السياسة لدينا التي أنقذت الكثير من رؤوس الفساد المالي من قبضة العدالة والقانون، بل أن تلك الخطوط هربت البعض إلى خارج البلاد مع الأموال التي اغتصبوها.
وعلى القضاء العراقي أن يؤكد شجاعته وحرصه على أموال الناس، من خلال تصديه لكل أنواع الضغوطات التي سيتعرض لها حتما من قبل السياسيين أو الأحزاب والكتل التي ينتمي إليها الفساد والمفسدون.
وهذا المطلب ليس كثيرا على قضاتنا الذين اثبتوا في أكثر من موقعة أنهم أهل لهذه المهمة النبيلة التي تستهدف تحقيق العدالة، وهي أمانة الناس في أعناقهم وعليهم أن يقوموا بعمل آخر جديد هو أن يكشفوا لوبيات الضغط التي بدأت تعمل من الآن لتخليص حرامية البلد من القصاص العادل، لان من يسعى لإنقاذ اللصوص لن يكون اقل لصوصية منهم إن لم يكن شريكا فعليا في طبخة الفساد والإرهاب معا!