نُدرك ” هكذا نعتقد ” إن المشهد السياسي العراقي بعد 2003 لم يكن مشهد مشرق، واعد بالأمل لأسباب عديدة أقلها تداخل المصالح وتضاربها داخل العراق وخارجه على حد سواء . و الإرهاب . .
في هذه الأجواء..أجواء الدم وأشلاء الأجساد البريئة ” المدنية ” المتطايرة حول وفيّ مسلسل المؤتمرات الصحفية الفارغة لقادة العراق الجديد شوهدت شمعة الأمل، شمعة الوطن تبكي بحزن وآلم .!
ثقافة التظاهر
لا شك إن التظاهر السلمي مظهر من مظاهر الدول المتطورة، والشعوب الحيّة للتعبيرعن أرائهم ومواقفهم السياسية . وفي العراق أدمن هذا الوطن الضارب بالتأريخ والحضارة الإنسانية وشعبه الحيّ التظاهر والإنتفاض والثورة .
وفي أشارة سريعة للعهد السابق ” فترة صدام حسين ” كان الشعب في حالة رفض وتظاهر دائم بطرق مختلفة، منها:
تظاهرة ” زيارة صفر ومحرم” 1977 التي قادها الإمام الشهيد محمد باقر الصدر وآية الله شهيد المحراب محمد باقر الحكيم حيث تعامل النظام السابق معهما بالرصاص الحيّ، والدبابات والطائرات، وبالإعتقال والمطاردة .
وإنتفاضة تظاهرة الرفض في آذار شعبان عام 1991 وما خلفته من مقابر جماعية للأطفال والنساء والرجال شاهدة على طبيعة النظام السابق، وعلى معدن هذا الشعب .
آفاق عراقية واعدة.. إستقالة الوزير وحيد كريم
أذن ثقافة التظاهر في المجتمع، والأمة العراقية متأصلة، لكن الجديد في عراق بعد مابعد 2003 مظامين التظاهر ونتأجه العملية السريعة تختلف عن العهد السابق .
البصرة مدينة التظاهرات
من هنا جاءت نتائج تظاهرة البصرة سريعة، حيث إستقال رأس الوزارة المقصرة، وزارة الكهرباء التي لم توفر الكهرباء للمواطن رغم الميزانية الأضخم في المنطقة . وفي مدينة البصرة نفسها التي أطلقت شرارة تظاهرة إنتفاضة عام 1991
التي شملت أغلب مدن العراق .
أن التظاهر عمل حضاري وحق كفله الدستور، حذار من تشويه هذا العمل القانوني وسحبه بعيدا عن أهدافه المطلبية الشعبية الدقيقة لانه سلاح ذو حدين .
وأن على السلطة أن تشجع منظمات المجتمع المدني، و ثقافة التظاهر السلمي وتُعزز وتعمق حالة الوعي للمواطن المطالب بحقوقه سلميا، وأن لا تتهم هذا الحزب وتلك المنظمة بالوقوف وراء الإستفزاز، والتظاهر فأن ذلك شهادة من الحكومة لتلك الأحزاب وحضورها الجماهيري .
ثم أليس ثقافة التظاهر، والضغط الشعبي ورقة بيد الحكومة تستعملها في حركتها السياسية مع العالم الحر؟ .
النفط والتظاهرات
أعتقد أن درس تظاهرة البصرة وشهيدها حيدر سلمان لابد أن يوجه الجماهير، الأمة العراقية اليوم، وفي الغد بإتجاه أهداف محددة منها المطالبة بمعرفة سياسة إنفاق ثرواته الضاعة عبر التأريخ، نفطه الذي يسمع عنه ولا يراه .
أرى أن شعار التظاهرات في الغد بعد تشكيل الحكومة العتيدة سيكون :
كم يمتلك العراق من الإحتياط النفطي وفي أي المناطق والقصبات، والمدن هذا النفط؟
متى تنظب هذه الثروة وتنتهي؟
كم برميل من النفط نصدر يوميا، سنويا وأين تذهب أموال النفط ومن يُديرها وكيف تصرف؟
أين حصة المواطن من عائدات النفط؟
أين الخدمات في بلد النفط؟
لابد أن تكون لدينا ثقافة نفطية ” أن جاز التعبير”
أرى أن التظاهرات القادمة ستطالب بإستقالة رئيس الجمهورية والوزارة، وحل البرلمان ، هذا البرلمان الذي رفض أن يعطي الأموال لرئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الذي قرر أن يشتري مولدات كهرباء، و محركات من شركة جنرال الكتريك في نهاية ولايته وقُبيل بدأ الحملة الأنتخابية .
ما يعني أن السلطة التنفيذية، والرقابية التشريعية المؤتمنة لا تقدم على مصلحة المواطن والوطن شيء ” طبعا ” سوى مصلحة الحزب والقائمة الإنتخابية .
نعم سيطالب الشعب بحل البرلمان والدعوة لأنتخابات جديدة يختار فيها من هو جدير بالثقة .
أن تظاهرة البصرة وإستقالة وزير النفط كريم أضاءة كبيرة في نهاية نفق العملية السياسية .
هذا هو العراق الجديد لا يُعرف من رئيسه قبل وبعد الأنتخابات، وبتظاهرة يستقيل الوزير والوزارة .
قاسم المرشدي
kassem@hotmail.ch